الثلاثاء، 11 يوليو 2017

بين مسجد المطبه وبيان الجمعية التراثية هل يضيع التاريخ؟

بلا شك أن تأسيس الجمعية الكويتية للتراث خطوة للأمام في الحفاظ على تراثنا الكويتي. والمفرح في تأسيس هذه الجمعية أن فيها من المؤسسين مجموعة كبيرة من حملة لواء الحفاظ على التراث الكويتي ولديهم مخزون كبير من هذا التراث. والأجمل في هذا الأمر كله أن جهودهم التي كانت فردية في حفظ التراث تمأسست وصارت عملا جماعيا يشار له بالبنان.



ولكن لكل شيء نقص وفي كل أمر عيب والكمال لله وحده سبحانه، وأنا أكتب هذا المقال من أجل التراث والتاريخ الكويتي فقط. هذا المقال للتعليق على ما ورد في بيان الجمعية يوم الإثنين الموافق ١٠-٧-٢٠١٦ بخصوص الحل الذي توصلت له عائلة الشملان والحكومة في اعطاء مساحة جديدة للمسجد مقابل هدمه. وقد ذكر بيان الجمعية نقاطا عديدة أرغب في تفنيدها والرد عليها. فالأمر بالنسبة لي وربما لغيري لا يتعلق بعائلة الشملان الكريمة لوحدها بل هو تراث كويتي ينبغي المحافظة عليه فيكفينا ما نالنا من هدم وضياع هوية منذ ١٩٥٧ عندما هدم سور الكويت وتبع ذلك هدم المدينة القديمة معالم كويت الماضي التي لم يبق منها سوى المقابر والمساجد في الغالب!




قضية مسجد الشملان (المطبه) ليست قضية جديدة أبدا فقد كانت هناك محاولات لهدم مسجد الساير والمطبه وقد انشأت أنا  صفحة في الفيس بوك منذ سنة ٢٠١٠ تحمل عنوان لا لهدم مسجد الساير والمطبه. فتطوير الدائري الأول كان قد وقع منذ وقت طويل وبفضل الله تم الحفاظ على مسجد الساير لكن للأسف سينال الهدم مسجد المطبه الذي بني ١٨٩٣ كما يذكر الباحث عدنان الرومي في كتابه مساجد الكويت القديمة ويشير الرومي إلى أن المسجد تم ترميمه مرتين المرة الأولى في عام ١٩٤٧ والثانية في عام ١٩٦٥. 




بيان الجمعية الكويتية للتراث يقول ما نصه " ... أن المسجد المقام حاليا تم تجديده قريبا بالكامل في ستينيات القرن الماضي وبالتالي فهو ليس المسجد الأصلي... " الغريب أن يصدر عن الجمعية مثل هذا التبرير والأمر هنا سوف أناقشه من ثلاثة زوايا:




أولا حسب معرفتي واتصالاتي بالأمانة العامة للأوقاف أن جميع المساجد التراثية تم عمل رفع لها ويوجد لها مخططات تفصيلية حتى الشروخ التي في الحيطان تم تحديدها ولم يهدم سوى مسجد واحد أو مسجدين، حسب مصدري، وتم تصوير المساجد خلال مرحلة الترميم علما بأنه تم الاستعانة بخبير من الأمم المتحده متخصص بالمباني القديمة. هذا ما وردني في قضية تراثية المسجد فإن لم يكن مسجد المطبة أحد المسجدين اللذين هدما فهو قد رمم على اساسه وأتمنى من الأمانة العامة للأوقاف اصدار بيان رسمي يوضح تراثية هذه المساجد من هدمها فترك الأمر على عواهنه أمر محير ويترك للظنون مجال أن تأخذ من الناس والباحثين مأخذها. ثم إن هذا الأمر أحد مسؤوليات الأمانه العامة للأوقاف وأتمنى أن نرى منها بيانا واضحا يتعلق في هذا الأمر. أعيد ما بدأت به هذه الفقرة، ما ذكرته من معلومات هي معلومات حصلت عليها ولم أطلع على أوراقها وأتمنى من الأمانه العامة للأوقاف تبيان الأمر وتوضيحه.




القضية الثانية لو سلمنا جدلا بإعادة بناء المسجد في عام ١٩٦٥ هذا أيضا مفهوم مخالف لمفهوم الحفاظ على التراث الصادر بمرسوم أميري رقم ١١ لسنة ١٩٦٠ بقانون الآثار في الفقرة الثالثة تحديدا يقول ما نصه:




 "كل ما صنعه الإنسان أو أنتجه أو شيده قبل أربعين سنة ميلادية، يعتبر من الآثار الواجب دراستها وتسجيلها، وصيانة ما تجدر صيانته منها" فمن تاريخ التجديد الى اليوم يكون قد مضى على بناء (تجديد / ترميم) المسجد ٥٢ عاما بالتمام والكمال.


القضية الثالثة هي هل نقل المسجد إلى مكان جديد سينقل المطبه وذكرياتها ؟ هل سيكون مسجد الشملان الجديد في نفس الشكل والطريقة التي بنى عليها في الماضي؟ وحتى إن نقل في منطقة المطبه ذاتها فهل عجزت العقول الهندسية عن ايجاد حل لعدم نقل المسجد؟ نعم كلنا يريد تطوير البلاد لكن هدم السور والمدينة القديمة في الخمسينيات كان بقصد التطوير أيضا.

 والسؤال الذي لا أعرف جوابه هل فعلا الموافقة على هدم ونقل المسجد مرتبطة بأسرة الشملان أمر بالتراث الكويتي فهذا مسجد وليس ديوانا أو مكانا تجاريا أو قصرا يكون لهم لوحدهم حق الانتفاع به. ولذلك أتمنى من الأمانة العامة للأوقاف توضيح ما اذا كانت أرض المسجد وقفا أم ملكا لأسرة الشملان. فالباحث عدنان الرومي يذكر في كتابه مساجد الكويت القديمة أن المسجد بناه شملان من ماله الخاص بمساعدة آخرين ولكن لا أدري إن كانت أرض المسجد وقفا أم لا. فشملان رحمه الله تعالى رمز للكرم والجود وهو صاحب مدرسة السعادة للأيتام وصاحب الأيادي البيضاء التي لا زال التاريخ يذكرها. فإن كانت الأرض وقفا فلماذا لا تلجأ الأمانة العامة للقضاء بدل التسوية؟ 

أتمنى من كل قلبي تدخل جمعية المحامين للنظر في القضية من زاوية قانونية بحته فإن كان في المستطاع وقف هدم المسجد قانونيا فليتهم يتحملون مسؤوليتهم الوطنية والتاريخية ويتخذون اجراءات قانونية تمنع الشركة المنفذه من هدم جزء من تراث الكويت. كما أتمنى من أخواني في الجمعية الكويتية للتراث إعادة وجهة نظرهم في بيانهم والعمل على منع تنفيذ الهدم. وقد شاهدنا جميعا كيف أن أهل الكويت تفاعلوا في السنة الماضية في قضية هدم المسجد فهو أمر يتعلق بالهوية الوطنية لا بأسرة معينه في الكويت.

هذا المقال من أجل التاريخ ومن أجل تعليق الجرس وكذلك من أجل تشجيع المسؤولين في اتخاذ قرار في ايقاف العبث في تراثنا وهدمه فالدول والشعوب بدون تراث تصبح بلا هويه!

هناك تعليق واحد:

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...