الخميس، 20 أبريل 2017

بيني وبين هند!






أي هند أعلم انك لن تسمعيني وموقنٌ أن تراب النسيان قد حجب بصرك وغابت عنك صورتي ، ليتك تعلمين أنني اليوم بحاجةٍ للحديث لقد نُحر طموحي بسكين قوانينهم يا هند ، أو تعلمين أن لا أحد أكترث لأمري الكل واساني مجاملةً لم أشعر بنظرةٍ فيها دفء تخترق جليد قلبي.

هند قلبي الذي كان مروجا خضراء صار اليوم جليدا قاسيا هل علمتي أنني غريب وسط أكوام من البشر سلواي هي وحدتي وتلفازي وخيالي ، ادمنت الشعور بالوحدة حتى صرت لهم كمجنون يهرب من مناسباتهم.

أهند مهلا فالقلب موجوعُ والنفس خائرة العزم مهمومه وصل الحال للمحال وانمحت الآمال وعاد الأمر حُلما بعد أن أقترب من الواقع ، إن أعلم أنك تحزنين مما تسمعين فكيف أصنع أنا وقد صرت ينبوع الحزن الدافق ونهر الألم المندفع وشلالات الفشل الساقطة من القمة.

اعذريني على سلبيتي فلم تتعودي عليها مني فالحال انقلب والعقل طار وذهب والنفس مكلومةٌ من العجب والعين ماعادت ترى سوى المقابر والتُرب ، زرعنا سبع سنين عجاف فكان حصادنا أعواد من اليبسّ لا تصلح الى للحرق والتلف لكن لا يزال في النفس فسحةٌ ضيقة للأمل نقش عليها  (اللهم كما منعتني ما أريد لحكمة أنت تعلمها ، أعطني ما أريد بكرم أرجوه منك) . وداعا يا سلوى خاطري وداعا يا ملاذي عند حزني وداعا يا كانت للدنيا دنيا وداعا يا من تسمعني فتريحني وتزيل عني همي وداعا يا هند.


انقطع الوصل بيني وبين هند ولم اعرف كيف سبيل الوصول لها فهي تأتي دون ميعاد تزورني في نومي وفي يقظتي، هند تلك الصديقة التي على كثر ما التقيها إلا أنني لا أعرف عنها شيئا. أذكر أنني ناجيتها يوما فقلت وليعذرني القارئ فأنا لا أجيد الشعر ولا اتقن العروض ولا الوزن لكنها كلمات شعرت بأنها تكتب كما يُكتب الشعر! قلت لهند يوم داهمني الخطب:

همي وغمي والبلية أجمعوا  // في يوم نحس قد أصاب كياني
فذكرت هندا علها بتذكري  // تضفي السعادة في سما وجداني

هند يا أعزائي القراء حكيمة ذكية تدرك أن الوقت كفيل بتغيير العديد من الأمور فهي عندما تحتجب عني إنما هي تقصد أن تتركني أفهم الحياة بطبيعتها ، فالحياة يا سادتي فيها الكدر وفيها السعادة وهي ما بين الألم الأمل. اعتادت هند أن ترسل لي بعض الكتب التي تعينني على فهم الحياة بصورة أعمق وهذه احدى طرقها كذلك في ايصال الرسائل. الغريب هذه المره أنها لم تكترث أبدا بما أرسلت رغم أني غلفت حروفي وكلماتي بعصارة مشاعري وسطرت حرفي بإحساسي لكن قسى قلب هند فأصبح كالحجر!

أحدق في السماء.. أطيل النظر.. تمر سحابة فأرجو وأستبشر خيراً.. أرجو أن تكون هند من ضمن قطرات أمطارها  ، أو أنها في جوف خيراتها، هذه الخيرات التي تهل على العالم كلما مرت سحابة فيعم الفرح والسرور , يشع في الأفق شعاع يكبر ، ينتشر ، يضيء ، ألمح طرفاً منها.. يكبر يكبر.. يسرع يظهر.. أفرح أصرخ .. هي عادت هي عادت ، أشعر بقطرات الندى تسقط على وجهي.. النشوة تسري في جسدي وعلامات الفرح تخطف الحزن من قلبي فيشرق حينها وجهي ..

تمشي مقتربةً مني بخطوات واثقة تبتسم تقول : أعلم أنك تنتظر جوابي ، ولكن لن يكون جوابي كما تريد ، فنحن نعيش في عالم الواقع ولا نستطيع البقاء أبداً في دنيا العجائب ، فلنجعل من النظرات لغة حوارنا لا يفقهها أحد سوانا ، لن أطيل فما تطلبه مني مستحيل .

الحياة يا صديقي قاسية على الخاوي الذي لا طموح له أما صاحب الهمة والصبر فقسوة الحياة معه تجعله أقوى. إن كنت سأنصح هذه المره فسأقول لك  :لا أحد يشعر بك سوى نفسك فلا تبح بسرك ألمك لأحد إلا اذا تأكدت من ثلاث بينها لي ولك بشار بن برد حين قال:

ولابُدَّ من شَكْوَى إِلى ذي مُروءَة ٍيُوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أو يَتَوَجَّع

وهؤلاء في زمانهم كانوا قلة فما بالك بزماننا! كن أنت كما تريد ولا تجعل للآخرين على عقلك سبيل ابحث عما ينفعك وجالد حتى تصل لغايتك فإن الصبر مفتاح الفرج كما قالت العرب ولم ولن تغلب شدة صبرا! تذهب ، تختفي .. أفكر لماذا لا نتمرد على القيود ؟! لماذا لا نضع أبواباَ في السدود ، هي من يفهمني ، هي من يقرأ أفكاري ، هي من أحتاج إليه في وقت اتخاذ قراري ..

لماذا لا تكون معي! حُرمت مَن يفهمني، يا ليتنا نسكنك يا دنيا العجائب دائماً.. يا ليتنا لم نخلق إلا فيكِ، يسكن خاطري.. يتحرك عقلي.. يحاول إقناعي بأن لغة العيون حل وسط بينكما ولن يفهمها أحد غيركما.. أقتنع بعقلي.. أحس بغصةٍ ، ولكن لا ألبث إلا أن أشتاق لحوار العيون الذي لن أتركه معها ، ولن أرضى بغير هذا الحوار بديلاً ولكن سأطلب منها أن تكون لغة العيون أيضاً كما أريد لا كما تريد ، لأني أنا من يحتاج تمتمة العيون .

هذي هي يا سادتي أختي وصديقتي التي لم تلدها أمي.. صديقتي الموجودةُ في عالم غير عالمي.. قد نلتقي في الأحلام، أو عبر أفلاك الخيال ، أو عبر التمتمات فوق العقلية.. وكل لقاء يحمل في ثناياه بقاء لعقلي وقلبي ومشاعري .. دمت بخير أختي ودامت لنا بلاد العجائب.

ومني لكل من يعيش في بلاد العجائب!!

شوارد:

أما أنك فرطت فنعم، ولكننا نستوفي صحبتك الطويلة ومآثرك القديمة وماأنا بالذي ينزع يده حتى ينزع الآخر ولكل صحبة مقام ومقام صحبتك جليل” عبدالرحمن الداخل - صقر قريش


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...