في اللغة الانجليزية هناك مصطلح ال Aha moment وحسب تفسير المعاجم هي اللحظة التي تغطى فيها البصيرة على البصر! هي تلك اللحظة التي نرى ما كان أمامنا من سنوات وهي ذات اللحظة التي ندرك فيها كم ضيعنا من الوقت حتى وصلنا لهذا الفهم! هذه اللحظة كلنا عشناها بصورة أو بأخرى حتى الأطفال والمراهقين عاشوها والمحظوظ من تأتيه هذه اللحظة وهو قادر على تدارك ما فاته.
لعل أصدق وصف لهذه اللحظة هو " أن ترى نفسك في المرآه لأول مره" ونفسك هنا هي أخطاؤك التي كنت تصر عليها والمرآه بلا شك قسوه الموقف الذي جعلك تدرك كم كنت غائبا عن الوعي تاركا للنصيحة معرضا عن الفهم. كلنا ذاك الانسان الذي يتعلم من دنياه لكن لسنا جميعا ذاك الانسان الذي يبحث عن التطور والحقيقة التي تجعله يعيش هذه الحياة بصوره أفضل. لعل الكثير من المصلحين الاجتماعيين ورجال الدين ، الدعاة على المنابر خصوصا، يذكروننا بمرارة ألم التفطن للخطأ الذي نرتكبه بعد فوات الأوان لكن قليل منهم للأسف يجعلنا نفهم لماذا نحن لا نصحو من هذه الغفله سواء كانت دينية ، علمية ، دنيوية ، إجتماعية أو غيرها من الغفلات! لست في مجال تحليل هذا الأمر ولست قادرا على طرح حلول كل الهدف خلف هذا المقال أن أعلق الجرس على أعناق أفكاركم فلعل بعضكم يتفطن لصوت رنين الغفله ويصحوا.
من تجربة شخصية وتجارب معارف وأصدقاء ، وأنا هنا لا أعمم لأني كما قلت لست متخصصا، أن عدم السماع بعقل هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم وصولنا ل Aha moment بشكل سريع في حياتنا. ماذا أقصد بعبارة السماع بعقل؟ أقصد بلا شك قبول النصيحة والنقد من كل أحد وتحت أي ظرف ومقال. وحتى لا تتسرع عزيزي القارئ أنا لا اقول قبول أي نقد إنما النصيحة النقدية وقبولها لا يعني العمل بها لكن يعني غربلتها في عقلك والتفكير بها واعطائها القدر الكافي من التأمل فلعل فيها ما ينقلك من مكانك لجنتك في الدنيا!
ولعل من أسباب عدم سماعنا للصوت النقدي في حياتنا في مجتمعاتنا الخليجية ، ولا أعمم، هو كمية المديح الذي نسمعه في حياتنا وكثير منه ليس في محله. مجتمعنا بلا شك متعطش للانجازات في ظل النمط الاستهلاكي الذي نعيش فيه منذ عقود لكن مدح كل شيء سلبي فبعضنا يعتبر نجاحه في المرحلة الجامعية أكبر انجاز يحققه والمجتمع يمدح هذا الانجاز حتى يشعر الشاب المتخرج بمعدل طبيعي ومن جامعة متوسطة أن حاز الدنيا كلها. من هذا المثال انطلق لقياس أمور أخرى في حياتنا مثل مشاريع تجارية ، بحثية ، سياسية وغيرها فلقلة المنتجين الحقيقين في مجتمعاتنا يصبح أي عمل أو انجاز متميز. هذه الانجازات خطوه صحيحة في مجال التطور إذا اعتبرناها خطوة أولى لا أخيره ومن خطاها يدرك تماما أنه قد لا يقطع مسافة الألف ميل لكنه يمهد لمن يأتي بعده ليتم السباق.
إشكالية أخرى مترادفة مع ما سبق وهي "البيئة" فالكثير من الآباء والأمهات يمتلكون أحلام كبيرة لأبنائهم لكنهم لا يبذلون الجهد الذي يوازي قدر هذه الأحلام وإنما يكتفون بالتمني والاعتماد على ما هو متاح أمامهم فقط. على سبيل المثال ، عندما يكون لدى الزوجين وفرة ماليه يستثمرانها في وسائل تجارية بحته دون صرفها على الأبناء فيما ينفعهم. بمعنى لو كان عندي فائض مالي بإمكاني استثمارهم في البورصة أو استثماره على تعليم الأبناء هناك الكثير ممن يذهب للاسثمار البورصوي أو العقاري ولا يدفع هذه الأموال لاستثمار عقول ابنائه رغم اقراره بسوء التعليم الحكومي مثلا في الكويت.
مثال آخر في أننا لا نهيئ البيئة المناسبة للوصول إلى لحظات الاستفاقة في وقت مبكر في حياتنا هو الروتين الذي اعتدنا عليه في كل شيء حتى في الفرح! ولعل السفر أوضح مثال على ذلك. عندما نسافر نحن نفعل في الغالب ذات الأفعال التي نمارسها في بلداننا. أذكر عندما زارني صديق وكنت حينها أتعلم اللغة الانجليزية في كامبردج وأخذته في جولة في المدينه ورافقنا شخص اسباني متخصص في الآثار الاوربية وفذهبنا في جولة في مدينة كامبردج المليئة بالآثار والمباني القديمة والأزقة الضيقة وكان صديقي الأسباني يشرح بصدق بانجليزية ضعيفة يصاحبها فهم قاصر منا بسبب حواجز اللغة وعدم الالمام في الموضوع. هل تعلمون يا ساده ماذا قال لي الصديق؟ أنا سأذهب للجلوس في مقهى ريثما تنتهون أنتم من جولتكم الممله هذي! فأنا لم آتي إلى كامبردج لأشاهد ما شيده موتى! والله أنني حمدت الله أنه خاطبني بالعربية حتى لا يفهمه أحد. ثقافة السفر والجلوس في الاسواق والمقاهي وتكرار ما نفعله في بلداننا أخذ منا لذه الدهشة والاستمتاع بالجديد وحرمنا من رؤية زوايا أخرى للحياة ستوسع بلا شك علينا آفاق عقولنا لأننا سندرك أن الصناديق التي نعيش فيها ليست الدنيا إنما الدنيا أوسع وأرحب والانفتاح على الآخر بعقل وحكمة مجلبة للسعادة والتفكير والتأمل.
ال Aha moment تمر علينا كل يوم لكننا نغلق أعيننا كلما مرت إما لجهل أو عدم رغبة في الخروج من الصندوق وأذكر أنني قرأت مرة لفولتير "يجب أن تفكر أنت .. فكر لنفسك .. يجب أن تتشكك فى كل ما يقال لك .. إذا أخطأت فلأننى حاولت أن أعرف , إذا عرفت فإننى أخطىء , لأن الذى عرفته قليل جدا , والذى لا أعرفه كثير جدا ولأن عقلى صغير ووقتى قصير .. ولكن لا يهم ما الذى فهمت وكيف أخطأت المهم أننى حاولت وسوف أمضى فى المحاولة .. وخير لى أن يشنقونى لأننى حاولت فأخطأت من أن يتوجونى لأننى ماطلت وكذبت وانخدعت وخدعت .. !!" حاولوا حتى تصلوا للدهشة فالحياة قصيرة وإن كنت في صباك ، الدنيا ليست رأيا واحد الدنيا أوسع وأكبر من أفكارك أو أفكار من تثق بهم!
شوارد:
" أسوء ما يحدث لنا أن يغدو المشهد مألوفا"
لعل أصدق وصف لهذه اللحظة هو " أن ترى نفسك في المرآه لأول مره" ونفسك هنا هي أخطاؤك التي كنت تصر عليها والمرآه بلا شك قسوه الموقف الذي جعلك تدرك كم كنت غائبا عن الوعي تاركا للنصيحة معرضا عن الفهم. كلنا ذاك الانسان الذي يتعلم من دنياه لكن لسنا جميعا ذاك الانسان الذي يبحث عن التطور والحقيقة التي تجعله يعيش هذه الحياة بصوره أفضل. لعل الكثير من المصلحين الاجتماعيين ورجال الدين ، الدعاة على المنابر خصوصا، يذكروننا بمرارة ألم التفطن للخطأ الذي نرتكبه بعد فوات الأوان لكن قليل منهم للأسف يجعلنا نفهم لماذا نحن لا نصحو من هذه الغفله سواء كانت دينية ، علمية ، دنيوية ، إجتماعية أو غيرها من الغفلات! لست في مجال تحليل هذا الأمر ولست قادرا على طرح حلول كل الهدف خلف هذا المقال أن أعلق الجرس على أعناق أفكاركم فلعل بعضكم يتفطن لصوت رنين الغفله ويصحوا.
من تجربة شخصية وتجارب معارف وأصدقاء ، وأنا هنا لا أعمم لأني كما قلت لست متخصصا، أن عدم السماع بعقل هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم وصولنا ل Aha moment بشكل سريع في حياتنا. ماذا أقصد بعبارة السماع بعقل؟ أقصد بلا شك قبول النصيحة والنقد من كل أحد وتحت أي ظرف ومقال. وحتى لا تتسرع عزيزي القارئ أنا لا اقول قبول أي نقد إنما النصيحة النقدية وقبولها لا يعني العمل بها لكن يعني غربلتها في عقلك والتفكير بها واعطائها القدر الكافي من التأمل فلعل فيها ما ينقلك من مكانك لجنتك في الدنيا!
ولعل من أسباب عدم سماعنا للصوت النقدي في حياتنا في مجتمعاتنا الخليجية ، ولا أعمم، هو كمية المديح الذي نسمعه في حياتنا وكثير منه ليس في محله. مجتمعنا بلا شك متعطش للانجازات في ظل النمط الاستهلاكي الذي نعيش فيه منذ عقود لكن مدح كل شيء سلبي فبعضنا يعتبر نجاحه في المرحلة الجامعية أكبر انجاز يحققه والمجتمع يمدح هذا الانجاز حتى يشعر الشاب المتخرج بمعدل طبيعي ومن جامعة متوسطة أن حاز الدنيا كلها. من هذا المثال انطلق لقياس أمور أخرى في حياتنا مثل مشاريع تجارية ، بحثية ، سياسية وغيرها فلقلة المنتجين الحقيقين في مجتمعاتنا يصبح أي عمل أو انجاز متميز. هذه الانجازات خطوه صحيحة في مجال التطور إذا اعتبرناها خطوة أولى لا أخيره ومن خطاها يدرك تماما أنه قد لا يقطع مسافة الألف ميل لكنه يمهد لمن يأتي بعده ليتم السباق.
إشكالية أخرى مترادفة مع ما سبق وهي "البيئة" فالكثير من الآباء والأمهات يمتلكون أحلام كبيرة لأبنائهم لكنهم لا يبذلون الجهد الذي يوازي قدر هذه الأحلام وإنما يكتفون بالتمني والاعتماد على ما هو متاح أمامهم فقط. على سبيل المثال ، عندما يكون لدى الزوجين وفرة ماليه يستثمرانها في وسائل تجارية بحته دون صرفها على الأبناء فيما ينفعهم. بمعنى لو كان عندي فائض مالي بإمكاني استثمارهم في البورصة أو استثماره على تعليم الأبناء هناك الكثير ممن يذهب للاسثمار البورصوي أو العقاري ولا يدفع هذه الأموال لاستثمار عقول ابنائه رغم اقراره بسوء التعليم الحكومي مثلا في الكويت.
مثال آخر في أننا لا نهيئ البيئة المناسبة للوصول إلى لحظات الاستفاقة في وقت مبكر في حياتنا هو الروتين الذي اعتدنا عليه في كل شيء حتى في الفرح! ولعل السفر أوضح مثال على ذلك. عندما نسافر نحن نفعل في الغالب ذات الأفعال التي نمارسها في بلداننا. أذكر عندما زارني صديق وكنت حينها أتعلم اللغة الانجليزية في كامبردج وأخذته في جولة في المدينه ورافقنا شخص اسباني متخصص في الآثار الاوربية وفذهبنا في جولة في مدينة كامبردج المليئة بالآثار والمباني القديمة والأزقة الضيقة وكان صديقي الأسباني يشرح بصدق بانجليزية ضعيفة يصاحبها فهم قاصر منا بسبب حواجز اللغة وعدم الالمام في الموضوع. هل تعلمون يا ساده ماذا قال لي الصديق؟ أنا سأذهب للجلوس في مقهى ريثما تنتهون أنتم من جولتكم الممله هذي! فأنا لم آتي إلى كامبردج لأشاهد ما شيده موتى! والله أنني حمدت الله أنه خاطبني بالعربية حتى لا يفهمه أحد. ثقافة السفر والجلوس في الاسواق والمقاهي وتكرار ما نفعله في بلداننا أخذ منا لذه الدهشة والاستمتاع بالجديد وحرمنا من رؤية زوايا أخرى للحياة ستوسع بلا شك علينا آفاق عقولنا لأننا سندرك أن الصناديق التي نعيش فيها ليست الدنيا إنما الدنيا أوسع وأرحب والانفتاح على الآخر بعقل وحكمة مجلبة للسعادة والتفكير والتأمل.
ال Aha moment تمر علينا كل يوم لكننا نغلق أعيننا كلما مرت إما لجهل أو عدم رغبة في الخروج من الصندوق وأذكر أنني قرأت مرة لفولتير "يجب أن تفكر أنت .. فكر لنفسك .. يجب أن تتشكك فى كل ما يقال لك .. إذا أخطأت فلأننى حاولت أن أعرف , إذا عرفت فإننى أخطىء , لأن الذى عرفته قليل جدا , والذى لا أعرفه كثير جدا ولأن عقلى صغير ووقتى قصير .. ولكن لا يهم ما الذى فهمت وكيف أخطأت المهم أننى حاولت وسوف أمضى فى المحاولة .. وخير لى أن يشنقونى لأننى حاولت فأخطأت من أن يتوجونى لأننى ماطلت وكذبت وانخدعت وخدعت .. !!" حاولوا حتى تصلوا للدهشة فالحياة قصيرة وإن كنت في صباك ، الدنيا ليست رأيا واحد الدنيا أوسع وأكبر من أفكارك أو أفكار من تثق بهم!
شوارد:
" أسوء ما يحدث لنا أن يغدو المشهد مألوفا"
ابراهيم نصرالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق