الأربعاء، 2 نوفمبر 2016

رنيم

رنـــــيــــــــم



"لماذا يكون قدري هكذا؟ لمَ أنا بالذات دون من حولي" كلمات خرجت بصحبه دموع حارة تنهمر من مقلتي رنيم وجه بائس تعلوه مسحة من قنوط وصدر ضيق لا يكاد يرى إلا تلك  الزاوية التي هو فيها وبصيرة نائمة غير مدركة لما يحصل حولها،هذا حال رنيم ذات ال21 من العمر .



ترفع من على وجهها وسادتها التي بللتها الدموع تجول ببصرها في أنحاء الغرفة تبحث عن هاتفها المحمول ، تمد يدها إليه مسرعة تفتحه وتتنقل بين إعداداته لتصل لكتابه الرسائل وتبدأ بكتابه همها إلى صديقتها التي لا تكاد تراها لساعات في عام كامل!!.



"حبيبتي شوق سأقطع حبال وصلهم بسكين الجفوة التي طعنوني فيها لست سعيدة بقراري هذا لكني سأتعلم كيف أكره من يهمشني"



الظرف المرسوم على شاشه هاتفها يختفي معلنا انطلاق الرسالة عبر الموجات الصوتية  لتصل لهاتف شوق، أفكار تجول في عقل رنيم ما هي ردة فعل صديقتي التي تفهمني ، ليتها تؤيدني لأستريح من عذاب ضميري الذي لا يزال يحاول إثبات الخطأ الذي ارتكبه ، يا الله كم هي طويلة ثواني الانتظار.



قد دعانا المجد للحق أجبنا ونهضنا للمعالي نحن عدنا ، صوت نغمه الرسائل التي تضعها رنيم في جوالها ، بقلب متشوق وعين ترتعش تفتح الرسالة المستقبلة ، " لا يا رائدة المعالي ويا مريدة الطموح ، أنت سيدة راقية ولكنت رجلا لكنت سيدا في قومك ، تذكري قول المقنع الكندي (ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ/وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا) رنيــم بيت الشعر هذا لكل السادة وان اختلف الجنس كوني كما عهدتك كبيرة في كل شيء حتى في غضبك"



لماذا يا شوق لماذا تقفين في صف ضميري كنت اعلم أن ردك سيكون مؤلما لي ولكني أحب أن أسمعه منكِ.



تمسك بهاتفها لتكمل المحادثة عبر الرسائل "ما عدت احتمل تجاهلهم رسميتهم معي ،موت الإحساس فيهم صدقيني شوق لست احمل حقدا لكني لم أعد أطيق رؤيتهم إن استمر عقلي مرتبطا بقراراتهم الجائرة ضدي لن أتقدم للإمام وهذا مالا أريده ، شوق بدأت نفسي بالانفلات لم أعد أجد التركيز وكأنني أعمى لا يرى سوى السواد!"



تنطلق الرسالة بزفرات من صدر رنيم ، لم تكن فترة الانتظار طويلة هذه المرة وكأن شوق قد حضرت الرسالة قبل أن تقرأ ما سيأتيها ، ابتسامه تعلو وجه رنيـــم العابس وكأنها تقول كم أحبك يا شوق فسبحان من أعطاك الفراسة وحسن الفهم.



يضيء الجهاز وكأنه يقرأ الرسالة " اطوي صفحتهم يا عزيزتي بذاكرة النسيان واستقبلي الحياة باقتدار وثقة بنفسك وستجدين علما أرحب وأوسع وأحق بعلمكِ وأدبكِ وقلمكِ من أسرتك ومحيط أصدقائك فأزهد الناس بالمتميز والعالم أهله ، لأنهم لا يحسون بقيمته ويرونه بأخطائه أكثر من مميزاته فلا تجعلي للبؤس والإحباط طريق لهمتك"



نفس عميق بأكسجين  التفاؤل يدخل رئة رنيـــم نعم سأكون كما ترينني يا شوق لا كما يراني من حولي ، تفك الحصار عن أصابعها وتنطلق هذه الأصابع لتكتب بحروف من أمل " أعاهدك يا من تفهمني وأعاهد نفسي من هذه اللحظة أن أبيع كل شيء من أجل هدفي ،سأكون كما أريد وفق ما يرضي الله وسأعمل بإذن الله من لحظتي هذه بأن عالمه ، سأملأ فراغي بالقراءة وتكون سلوتي بالكتابة وتفكيري مشبعا بالإيجابية،من اليوم سأكون كما أريد لأني عرفت أن القصور في الأحلام ليست سوى ثروة المجانين وأوهام الكسالى ، شــــوق كم أنت عظيمة"



تذهب الرسالة ويبقى التفاؤل والأمل ، أفعلوا ما بدا لكم فأنا اليوم رنيــــم أخرى ، سأكون ممن يكتب لهم المؤرخون بحروف من احترام وتقدير ، لن أجعل أيامي وساعاتي بل حتى دقائقي معلقة برأيكم فيّ بل سأكون كرابعة العدويه وغيرها ممن لا تزال الألسن تذكرهم والكتب تنقل أخبارهم ، وما ذنبي أنا بأن عقولكم متعلقة بما أمامكم ونفوسكم لا تتوق إلا  لشهواتكم ، سأكون حبيسة جنة إصراري وسأقطف كل يوم من ثمار عقلي المميزة لكي ليرى الجميع بعد خروجي من خلوتي بأنني لم أكن سوى سيدة ترنوا لاحتلال قمة من قمم التميز.



وداعا يا وسادتي المبللة بدموع الحسرة وضيق النظر ، وأهلا بالعمل والمثابرة والاجتهاد ، شوق لن أنساك وستكونين لي باب فرج عند كل شدة بتوفيق الله وعونه ، شكرا من الأعماق شوق لا أعلم كيف ستكون دنياي بدون نظراتك ونسمات الأمل التي ترسلينها لغيرك.



-تمت-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...