الاثنين، 15 ديسمبر 2014

أرض المتعاركين



أرض المتعاركين

عادة يبدأ الكتاب مقالاتهم متحاذقين على القراء يزعمون أنهم يحللون ما جاء في العشر سنوات الأخيرة في السياسية الكويتية من خلال اسقاط اتهامات جزئية على وضع كلي ومع الأسف ينجحون في استقطاب القراء والمطبلين! التاريخ أصبح مهنة من لا مهنة له في السياسية فالبرامج التلفزيونية والصحف وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي صارت مليئة بالاستشهادات التاريخية التي تقتطع الصورة بشكل صارخ لتثبت وجه نظر الكاتب أو المتحدث دون النظر في الصورة الأكبر من الحدث التاريخي.
في عام ٢٠١١ وفي خضم الربيع الكويتي كان نواب المعارضة، البدو، يستشهدون بمواقفهم في حماية الأسرة الحاكمة تاريخيا ومن المضحك أن المعارضين الحضر كانوا يصفقون وكأن استشهاد زملائهم في محله، وبعدها صار اتهام للشيعة بالخيانة واستذكار لسنوات عديدة مثل ١٩٢١ و١٩٣٨ وفترة الثمانينات. هل انتهى الأمر هنا؟ للأسف لم ينتهي خرج علينا من يهاجم التجار ويصفهم بالخونة مستندا على احداث ١٩٣٨، ثم يخرج علينا ناس من أسرة الحكم فينالون من التجار ويصفونهم بأبشع الألفاظ ويصفون البدو بالفداوية والشيعة بالخدم! ما لم أستطع فهمه إذا كان كل طرف له خيانات كبرى أو فضائل عظمى في هذا المجتمع فلماذا نعيش في إطار الدولة!

مع انخفاض سعر برميل النفط والسرقات الملياريه من جميع طوائف المجتمع، نعم أنا أعنى ما أقول جميع شرائح وطبقات المجتمع تسرق من المال العام منذ سنوات عديدة من خلال مخالفة القانون والواسطة واهمال العمل وتكسير المنشئات العامة واستلام راتب من خلال شركة وهمية وسرقات المناقصات وغيرها. الحقيقة مؤلمة ولا يستطيع أصحاب القلم المكسور الحديث عنها ففي فترة ما بعد الاستقلال يكاد يكون معدوما وصول شخص للطبقة الغنية دون المناقصات الحكومية ، وأنا هنا لا أعمم حتى لا يأتي من يمسك هذا السطر وينسى الفكرة، نعم الغالب الأعم من أبناء التجار والبدو والشيعة والحضر والعجم والعرب وأصحاب جنسية التأسيس وأصحاب جنسية التجنيس كلهم بطريقة أو بأخرى زاد ثراؤهم بل بعضهم خلق له أرصده ضخمة من العدم ، وفي المقابل هنا عوائل تجارية كانت دواوينها مضافة كبيرة أيام فقر الدولة أصبحوا اليوم من أصحاب القروض وأقساطهم لا تكاد رواتبهم تغطيها.

لن أتحدث يا سادة عن التمثين ولن اتحدث عن الاستيلاء على الأراضي لمجرد أن جدك كان يعرف شيخا من الصباح، ولن اتطرق كذلك لرشاوي البلدية في الخمسينات بل لن أتكلم بتاتا المناخ وفوق كل هذا لم أتكلم عن رشاوي ٢٠٠٩ الفضيحة! الهدف من هذه الديباجة يا سادتي هو إيصال رسالة الخلل ليس في طبقة معينة أو شريحة محددة من المجتمع الخلل في المواطنين في مجتمعنا الكويتي، لو تأملتم حولكم في أسماء سراق المال العام او الذين خرجوا لعالم المال والأعمال من العدم أو أولئك الذين انتشرت أسماؤهم في وسائل التواصل الاجتماعي لتلقيهم رشاوي ستجدون جميع شرائح المجتمع موجودة جميعها بلا استثناء ابتداء من أبناء الأسرة الحاكمة مرورا بالطبقة التجارية ثم الحضر فالبدو والشيعة والسنة وربما المسيحيين! إذا أين الخلل! ومن المسؤول عن هذا التخبط وعدم وضوح الرؤية.

نحن المواطنين أهم أسباب هذا الخلل فنحن من لا نملك الثقافة العالية التي تمكننا من الرد على من يقتطع جزءا من التاريخ لينسب لنفسه أو أهله ما لا يستحقون، ونحن أيضا لا نتجرأ على النقد ولو بكلمة واحد لأننا نخشى عواقب التخلي عن المجاملات ونحسب مصالحنا الشخصية الضيقة، ونحن من لا ندافع عن مفهوم المواطنة أنا كويتي وفقط وقد يسألني أحد هل تزوجني أخت وأنا لست من طبقتك الاجتماعية! صدقوني قد واجهت مثل هذا السؤال مرات عديدة ودائما ما أجيب هل تزوج أنت أختك لأحد غير عربي حصل على الجنسية الكويتية حديثا! الخلل في فهمنا لمفهوم المواطنة فهذه الأمور الاجتماعية ليس لها علاقة في كوني مواطن كويتي فالمواطنة بمفهومها اللغوي مشتقة من الوطن وبمفهومها الاصطلاحي فهي الحقوق والواجبات التي على هذا الفرد تجاه وطنه والوطن تجاه هذا الفرد يحدده دستور الدولة وهناك العديد من القيم التي تؤسس للمواطن مثل قيمة المساواة التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حق التعليم، والعمل وكذلك قيمة الحرية التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحق الحديث والمناقشة ، وحرية تأييد أو الاحتجاج على قضية أو موقف أو سياسة ما سواء كان يمس الحكومة أو رئيس الدولة أو حتى المجتمع ذاته بشرط الحفاظ على الآداب العامة للنقاش وكذلك حرية الانتخاب والتصويت وحرية التعبير. ثم تأتي قيمة المسئولية الاجتماعية التي تتضمن العديد من الواجبات مثل واجب دفع الضرائب، وتأدية الخدمة العسكرية للوطن، واحترام القانون، واحترم حرية وخصوصية الآخرين وهي التي نفتقدها كثيرا في الكويت وللأسف. من الكتب التي تحدثت عن مفهوم المواطنة والاشكالية في مجتمعنا العربي وهذا اذكر ما تسعفني به ذاكرتي ولا ادعي انني اذكر المهم من هذه الكتب، وللتوضيح هناك اختلافات في النظر لمفهوم المواطنة فهناك اختلافات بين المثقفين العرب في مختلف توجهاتهم في التعريفات لكنهم يتفقون على وجود الحقوق والواجبات على الدولة والفرد. من الكتب التي تحدثت عن مفهوم المواطنة: المواطنة والديمقراطية في البلدان العربي من منشورات دار دراسات الوحدة العربية ، مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة (عن حالة الجزائر) ل منير مباركية ، وهناك مقالات عديدة للمفكر محمد عابد الجابري عن المواطنة منها على سبيل المثال لا الحصر "الوطنية والقومية والمواطنةوما أكثر الكتب التي تحمل عناوين مثل مفهوم المواطنة عند ...... ، هذا شيء بسيط جدا جدا عن ما كتب باللغة العربية عن مفهوم المواطنة ويكفيك زيارة لموقع قوقل لتعرف حجم ما كتب عن مفهوم المواطنة.

لا تجعلوا الكويت ارضا للمتعاركين بل اجعلوها ارضا للمواطنين انزعوا لباس الجهل والتبعية لكل ما يقوله انصاف المثقفين التي يقتاتون على أموالكم من خلال بيع الصحف ونسب المشاهدات في التلفاز، المعارضة والمجلس والحكومة والكثير من المثقفين أزعم أنهم يراعون مصالحهم الخاصة الا من رحم الله وهم قليل ولذلك وجب علينا نحن الكويتيين! نعم المواطنين الكويتيين أن لا ننجر وراء تقسيماتهم لنا ونفتخر بكوننا كويتيون أولا ثم نفتخر بانتمائنا للطبقة الفلانية او العلانية لأننا حينها فقط سنفهم أننا نعيش في دولة مدنية لا في عزبة أو مزرعة ندافع عن ذكرياتنا فيها!


المجد للرجال المخلصين والمجد للمواطنة الحقيقية والمجد للعلم والثقافة وأخيرا المجد للتجرد من الانتماءات البغيضة!  

هناك تعليق واحد:

  1. افلاطون لو موجود راح يتخلى عن نظرياته لما يشوف الكويت وكذلك ابن خلدون وراح يتحولون للفساد ويتعاطون شبو بجلسه مع بعض

    ردحذف

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...