الأربعاء، 20 يوليو 2011

قبور في خطر




عند ذكر الموت والقبور والمقابر ترتعد فرائص البعض لأنها تذكرهم بأيامهم القادمة ، والوحشة التي ستنالهم عندما يهجرهم الخلان ويبعد عنهم الأهل والأقران ينزول قبورهم فلا يجدون معهم سوى أعمالهم فإما لخير وإما لغير ذلك ، فما بالكم بحالهم عند ذكر مقبرة مهجورة أو قبور دُفن أصحابها عقود من الزمان.

لا أرغب في تخويفكم لكن ما دفعني للكتابه هذا المقال غيرتي التاريخية على قبور أجدادي من أهل الكويت ، هل يرضيكم أن تجدوا قبور رجالات الكويت الأوائل ممن خلّد تاريخنا ذكرهم بين صفحاته تكون عرضة للتخريب والكلاب الضاله أجلكم الله؟ أم لعدم الإهتمام بمن فيها؟.
قد يتسائل البعض كيف نهتم بالمقابر والقبور ، الاهتمام بها عبر الحفاظ عليها وحمايتها نحن مسلمون لا ندعوا لأن تبنى الأضرحة وتُعمّر القبور حتى تغدو كالقصور وفي الوقت ذاته لا نرضى أن نرى مقابرنا مأوى للكلاب الضالة والإهمال.

اليوم مررت بقرب مقبرة هلال المطيري عليه رحمة الله ووجدت جزء من الجدار قد هُدم ، فدخلت المقبرة فضولاً لأتنفس عبق أمجاد الماضي الشامخ واستنشق عبير الصفاء والإخاء والنفوس الطاهره ، وفي ذات الوقت لأدعوا لأمواتنا فيها.

حينما دخلت تذكرت مآثار هلال فجحان المطيري الفتى العصامي الذي بنى مجده من جمع نواة التمور في البداية حتى فتح الله عليه وصار أغنى رجل في الكويت ، هلال المطيري الذي كانت له مواقف كثيرة في فعل الخير ومساعدة الفقراء حتى قيل أن زكاته كانت تغطي فقراء الكويت، هلال المطيري الذي عندما خرج من الكويت مغضباً إلى البحرين خرج لإرضائه الشيخ مبارك بن صباح حاكم الوقت في حينها لمكانة هلال وثقله الاقتصادي، هلال المطيري عضو مجلس الشورى 1921 هلال المطيري المساهم بدفع تعويض لشهداء فخذه الدياحيين في معركة الجهراء ،أمجاد هذا الانسان وأفعاله خلدها التاريخ في صفحاته فلسنا بحاجةٍ للتكرارها.



حديثي اليوم عن مقبرة هلال رحمة الله التي أوفقها وهي بمساحة عشرين ألف متر تقريبا على موتى المسلمين وهي تقع في حي شرق ، وحاليا مقابل القرية التراثية التي تبنى ، مررت بقربها ودخلت من باب المقبرة فوجدت القبور بعضها قد غار وظهرت فيه الحفر وبعضها تساوى في الأرض ولم يعد الانسان يدرك أين القبر ، فصارت مجموعة من الأحجار المتناثره على أرض مستوية ، وجدت في الداخل غرفاً قد هدمت ولا أدري إن كانت لحارس المقبرة مع أنني لا أظن أن لها حارساً لأنني حاولت قبل سنوات الدخول إليها وضربت الباب مراتٍ ومرات حتى ظننت أنني سأكسره ولاجواب.

قد يكون هناك مشروعاً ما أو تمديدات أو غيرها من الأمور هذا لا يهمني ما يهمني فعلاً الحفاظ على كرامة أهل القبور من دنس الكلاب الضالة وقد وجدت احدها داخل المقبرة فما الذي يمنع من هَدَمَ الجدار أن يضع قطعة من الخشب كبيرة تسد المدخل ريثما ينتهي من عمله ، أو ما الذي يمنع بلدية الكويت أن ترمم المقابر القديمة بين فترة وأخرى وإن كانت المقابر وقفية فلا يكلف ترميم القبور سوى أكياس من الرمل تُصب فوق القبور التي نالت عوامل التعرية منها.

حتى القبور في مقبرة الصليبخات قد رزتها قبل فترة فوجدت الكثير منها قد دمرته مياة الأمطار أو أطارت الرياح رماله بعيدا ولا أعلم ما الحكم الشرعي في ترميم القبور لكنني أجد أن المنطق لا يخالف ذلك والشرع لا يخالف المنطق إلا إن كان المنطق بعيداً عن الصحة!!

أتمنى من المسؤولين في الدولة أن يحافظوا على ما بقي لدينا من عبق الماضي يكفي ما ضاع من تراثنا يكفي ما دمرته العمران والحديث من تاريخنا يكفي ما أزالته الجرافات من أماكن تحمل ذكريات أجدادنا ، لا نريد اليوم شيئا سوى أن تحافظوا على المساجد والمقابر فهي شواهد صلاح أهل القبور.

هناك 3 تعليقات:

  1. بيض الله وجهك يابومحمد وعساك عالقوه والموضوع يستاهل الاهتمام من الجهات المختصه والله لايحرمنا من مقالاتك وبنتظار الجديد....

    ردحذف
  2. مدونة رائعة ومقال ممتاز شكرا لك وبارك الله فيك ...

    ردحذف
  3. جزاكما الله خير وسعدت ان المقال راق لكما:)

    ردحذف

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...