الخميس، 10 مارس 2011

هل باعت الثيران الثور الأبيض؟



الحديث في السياسة من الأمور التي يجبرني عقلي عليها إجباراً ، أفضل الأدب وجماله والشعر وحلاوته والفلسفة ودهاليزها على الحديث في السياسة التي أعتبرها بركة آسنة لا طعم لها ولها رائحة طينية ، الدافع من وراء كتابة المقال هو تصريح أحد نواب الأمة بقوله حتى لا نكون كالثور الأبيض يجب أن نصلح البلد الآن أو هكذا هو معنى التصريح .
لا تخفى على القارئ قصه الثور الأبيض ورمزيتها السياسية ويستخدمها بعض الساسة كتعبير عن خوفهم بأن الاستسلام الحالي قد يجر ويلات في المستقبل ، الإشكال يا سادتي أن قطيعا من الثيران البيضاء قد أكلت على مر تاريخنا السياسي ولم يُمس الثور البني ولا الأسود!!.



اليوم وأنا أتابع الجلسة الخاصة عن الميموني رحمه الله وأعلى منزلته في عليين ، والمشاعر الكبيرة التي شاهدتها من خلال دموع النائب مسلم البراك أو كلمات وحروف المغرديين في تويتر ومن خلال رسائل الهاتف المحمول الكثيرة لم تترك لي المجال إلا لسرد تاريخي أعبر فيه أن حادثة الميموني رحمه الله ليست الأولى وإن اختلف الأسباب.

دعونا نتفق على أمر أن المقال فكري لا سردي ولا تحليلي فكرته العامة أن المطالب تؤخذ بالإيمان بالمبادئ وبالتضحية من أجل تلك المبادئ التي آمنا بها ، محمد المنيس شاب كويتي درس في في العراق وكان من المثقفين ومن شباب الحركة الوطنية التي ساندت وأيدت قيام المجلس التشريعي 1938 ، وفي شهر مارس من عام 1939 أعدم محمد المنيس في ساحة الصفاة بعد أحداث المجلس المعروفة وقتل المرحوم محمد القطامي عندما حاول إيقاف اعدامه وجرح يوسف المرزوق وبعدها سجن مع أعضاء المجلس التشريعي.

مرت السنوات طويلا وجاء بعدها محاولة إغتيال النائب حمد الجوعان ومحاولة اغتيال عبدالله النيباري وفريال الفريح ، ثم مرت السنوات الطوال ومات الميموني رحمه الله على يد المباحث الكويتية وربما ما زاد الأسى في نفوسنا ككويتين هو موت الميموني الرسمي في يد الأمن حيث لا مناص من الإنكار أو تزوير الحقائق.

ماذا حدث بعد ذلك؟ مطالبة بإستقالة وزير الداخلية او استجوابه واستقال الوزير وحضر وزير جديد والقضية ينظر إليها في القضاء وننتظر الفصل فيها ، هذا السرد ليس هدف المقالة الرئيسي إنما هو للتذكير بأن هناك أحداث ينساها البعض في تاريخ الكويت!.

عندما سمعت عن حركة 8مارس وحركة كافي تحمست كثيرا وفكرت في المشاركة في الاعتصام وبعد السؤال عن مبادئ واهداف هذه الحركة قالوا لي اسقاط الحكومة الحالية ورئيسها ، وهذا مطلب صار اليوم شعبيا فقلت وبعد ذلك ماذا تريدون قالوا اصلاح الحكومة يكون فيها الوزراء رجالات دولة وتكنوقراط ورئيس مجلس وزراء يهتم بالكويت ، قلت هذه مطالب عامة فما هي الوسائل التي وضعتموها للوصول لأهدافكم وما هي مطالبكم المحدده ، هل بالحكومة الشعبية كما يطالب المنبر الديمقراطي وحزب الأمة الذين يؤيدونكم؟ ، أم بالملكية الدستورية التي تنادي بها كتلة التنمية التي يقف نوابها معكم؟ ، أم بالنصح لولي الأمر كما ينادي بعض التيار السلفي الذي يؤيدكم؟ لم أجد إجابة تشفي غليلي.

هذا التذبذب في الآراء رسّخ في عقلي فكرة أننا نحتاج لمبادئ نؤمن بها لكي نصلح ، نحتاج إلى خطوط عريضة نتبناها ونسير عليها ، ونحتاج أيضا إلى قادة يجيدون التخطيط والفعل لا الكلام والصراخ فقط ، الفعاليات السياسية والنواب لهم سنوات طويله يتحدثون عن التغيير لكن كله كلام بلا فعل ولذلك إن قاد هؤلاء المسيرة فلن نصل الى ابعد من الصراخ!

الخلل يا سادتي ليس في الحكومة وحدها بل في البرلمان وفينا نحن كناخبين ، حان الوقت لقانون الأحزاب فاليوم كل النواب مرتبطون اما بطائفة أوطبقة أوقبيلة او تيار فمن يخوفنا من الأحزاب عليه أن يتمعن في واقعنا جيّدا فنحن أحزاب بلا قانون ، الحزب شيء جميل فهو عبارة عن مجموعة من الأفراد من مختلف الملل والنحل والأعراق والأجناس يؤمنون بمبادئ واحده ولهم هموم مشتركة فعلى من يخاف من أن تطبيق قانون الأحزاب قد يأتي بقبيلة أو طائفة للمجلس أبشره بأن المجتمع أصبح له من الوعي الشيء الكبير!

عندما سمعت بخبر تأسيس الشباب للتجمعات فرحت جدا وقلت ها قد انتفض أبناء جيلي على واقعهم المرير وثاروا كما فعل شباب مصر على الوزراء والنواب البعيدين كل البعد عن همومهم ،وحينها دارت تساؤلات في خلدي جعلتني أتريث فسألت نفسي ،لماذا لم يطالب الشباب بنواب رجال دوله من خلال قانون الاحزاب أو تغيير قوانين الانتخاب التي عفى عليها الدهر وأكل وشرب وتجشأ!؛ولماذا لم يطالبوا بتعديل آليه اختيار رئيس الوزراء؟ ، لماذا لا تكون مطالبنا تعديل الدستور بحيث يحق للمجلس التصويت على اختيار سمو الامير لرئيس الوزراء؟فالمجلس يصوت على اختيار الامير لولي العهد! لعله يحسب لشباب 8مارس أنهم دعوا لحكومة منتخبة في بيانهم حتى نكون منصفين.


وجدت الإجابة لتساؤلاتي عندما شاهدت فرح الشباب الشديد عند انضمام نواب وشخصيات سياسية للتجمع ، وكم كنت أتمنى أن يكون هذا الفرح للنواب عندما تقبلهم الجموع الشبابية! ، نواب الأمة نسمع جعجعتهم ولا نرى لهم طحيناً يفيد البلد اعتقد أن دور الشباب اليوم قيادة الساحة وليس الطلب من رموز سياسية أن تكون في التظاهره،مرت علينا أشكال كثيرة خلال العقدين الماضيين طغى التيار الديني على المجلس والتيار الوطني الليبرالي وحتى التيار الحكومي وكل الطرق والإنتخابات كانت تؤدي إلى الفساد والكويت للتراجع في جميع المجالات!.

أتمنى من أبناء جيلي أن يطلعوا على التاريخ وبالأخص تاريخ الإستجوابات في مجلس الأمة فالأول كان في 1962 والأخير في 2011 والمواضيع هي هي ، الإسكان والصحة والنفط والكهرباء ومشاكل وزراه الداخلية والتربية، تغير النواب والخلل واحد تغير الوزراء والتقصير كبير والكويت من تدحرجت من القمة إلى القاع، لماذا هذا الانهيار لأننا لا نطبق قاعدة انشتاين ولم نستفد من كلامه حين قال ان تكرار نفس الفعل يؤدي إلى نفس النتيجة ونحن منذ ذلك الزمان حتى وقتنا هذا نكرر نفس الخطأ وهو أن نترك غيرنا يقودنا، وليتنا نطبق قاعدة انشتاين الثانية التي تقول أن النجاح هو حصيلة مجهودات صغيره فلا نستصغر ما نقوم به من جهد.

منذ أن كنت في الجامعة وأنا اسمع عن انجاز منع الإختلاط الذي أقره مجلس الأمة 1996 وطبقه في عام 2002 وإلى اليوم لم أجد تطبيقاً له في الجامعة كل ما تم تطبيق شكلي للقانون من خلال وضع لافتات وفصل الشعب ، هذا المثال ليس للإنتقاص من قانون منع الإختلاط إنما للتدليل على أن مبدأ فصل الإختلاط أمر لا نؤمن به إنما نحاول تطبيقة لأن ظروف ذاك الزمان كانت تحتم علينا هذا الأمر! وإلا لو كان الأمر مبنياً على مبدأ لوجدنا فاعلية أكبر من خلال ندوات واعتصامات واستجوابات وغيرها من الوسائل التي تستخدم من أجل استعراض العضلات اليوم!
أقترح على أبناء جيلي أن تكون مطالبنا محدده بعيدة عن نواب ووزراء هذا الوقت ، نعم هناك من النواب والوزراء وطنيون مخلصون لا مانع من استشارتهم لكن القيادة تكون لجيلنا ، لنضع مبادئ نؤمن بها ونقاتل من أجلها وإن مست مصالح طوائفنا أو قللت من كراسي قبيلتنا أو حددت أرباح عوائلنا ، مبادئ لا نحيد عنها ونكون مستعدين للموت من أجلها والتضحية بكل شيء حتى تتحقق.

لنضع لنا أهداف مثل اقرار قانون الأحزاب وضع آلية لتصويت نواب الأمة على اختيار رئيس مجلس الوزراء لوزراءه ، تعديل مواد معينه من الدستور الدستور، وضع امكانية اجراء استفتاء شعبي لمواضيع معينة بدل من اعطاء رقابنا للنواب والوزراء ولعبة المصالح والكراسي ، تأسيس مجلس شبابي فاعل دون مقابل مادي أو أطماع انتخابية مستقبلية يقود عملية الإصلاح كما فعل شباب 25 يناير في مصر ، تأسيس أندية ثقافية تنشر ثقافة المواطنة ومفاهيم الحرية وتحث الشباب على القراءة خصوصا أن مجتمعنا سياسي بطبعه !.
الحلول كثيرة والإقتراحات أكبر وجُل ما أتمناه أن لا نجعل همنا رأس رئيس مجلس الوزراء الحالي رغم أهمية الأمر بل نتعدى ذلك لنفرض آلية تحدد من صلاحيات الوزراء والنواب وتعطينا نحن أفراد الشعب قوة اكبر في اتخاذ قرارات مصيرية ، ولنستغل الفرصة التاريخية الحالية فثورات الشعوب العربية لن تعود إلا بعد قرن! هكذا يقول التاريخ! ، ولنتذكر أن الثيران السواد والبنية عقدت صفقة مع الأسد أن تأكل من المرعى ما تريد مقابل إخضاع الثور الأبيض।

بقلم عبدالرحمن محمد الإبراهيم
my twitter : alibrahem_a

هناك 11 تعليقًا:

  1. عبدالله الفهد10 مارس 2011 في 11:47 م

    يزاك الله خير يا ابو محمد وفقت بالتحليل فاصبت بكل ما قلت .....فشكرا لك

    ردحذف
  2. الله يوفقك وهدف جميل ان نضع اعيننا عليه بس كيف التطبيق
    مقال اكثر من رائع

    ردحذف
  3. الله يعطيك العافية بومحمد
    أنا رايي من رايك في الحركة اللي صارت من طرف الشباب لكن الجيد في الأمر ان في تحرك.. وهو ما يولد الروح أو على الأقل يحظ ما تبقى منها..عبدالرحمن الشطي

    ردحذف
  4. مقال مميز أبا محمد
    يدل على وعي سياسي متقدم، وإدراك لمنزلقات ونقاط ضعف الوضع السياسي في الكويت.

    أبقاك الله حراً أبياً نبيهاً نقياً..

    ردحذف
  5. واياك يا بو محمد وسعدت بمتابعتك

    ردحذف
  6. الكريم sala6een

    التطبيق يكون عبر اقتناع بعض الأطراف واستعداهم للتضحية في سبيل الوصول للهدف

    شكرا لك أخي الكريم

    ردحذف
  7. الحبيب عبدالرحمن الشطي

    الاشكال ليس بالتحرك فقط بل بالجدوى من التحرك فهاهي القوى السياسية تتحرك منذ سنوات للاصلاح لكن دون جدوى لأن كل تيار يغني على ليلاه:)

    ردحذف
  8. وأبقاك صديقا حبيبا شد من أزري يوم أمسكت قلمي وواساني يوم تخلى الناس عني وآمن بقدراتي يوم ضحك الآخرون

    لك في القلب قدر يا ابا عمار:)

    ردحذف
  9. السلام عليكم..

    اخي العزيز .. عبدالرحمن

    رؤية سياسية..ونظرة تحليلية للأمور..
    اتفق معك في جميع ماذكرت..

    المشكله لدينا أننا نعرف مانريد .. ولكن كيف السبيل؟ كيف نصل لتحقيق الاهداف؟

    فلدينا بالسعوديه عندما بدأت أفكارنا بالنضوج وبدأنا نعي حقوقنا ونطالب بها.. اسكتونابيد من حديد.. وامتلأت السجون..!!

    وطوعوا وجندوا الجميع لطمس الحقيقه بمن فيهم العلماء..!
    وانهال سيل الفتاوي..ونشروا الطائفيه
    وهم يعلمون اننا مجتمع متدين بالتأكيد لقد سكبوا الرهان..
    ولكن لن تنتطفي ثورة الشباب ولن تخمد اصوتنا ..

    تعتيم اعلامي واعتقالات طالت المدونين واصحاب المواقع الاجتماعيه..

    ومع ذلك هناك بصيص من نور..

    اشكرك على هذا المقال والفكر الراقي وترتيب افكارك

    انتظرني فأنا دائماً بالقرب

    كل الود

    ردحذف
  10. الكريمه جود الحزن

    في السعوديه عندكم وضع صعب جدا فالعادات والتقاليد متداخله بالدين وسيطرة الملتزمين ولذلك هناك تناقض في الكثير من الأمور فعندما حُرمت المظاهرات تمنيت أن يُحرم الظلم أيضا

    اتمنى ان تستقر الاوضاع في المملكه ويلتفت الملك لحاجات الشعب غير الماديه

    ردحذف
  11. يعطيك العافية اخي عبدالرحمن مقال متكامل ورؤية متزنة واتفق معك بخصوص الخطوط العريضة ومباديء عامة بإتفاق وطني من الجميع ، ارجوا ان تشاركنا في موقع الشبكة الوطنية للمنفعة العامة وليطلع علي مثل افكارك المرتبة الكثير من المهتمين. اخيك /ابوجملا

    ردحذف

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...