الاعتراف بالخطأ من الأمور الثقيلة على النفس فالتصريح عن فعل ينقص من قيمة الإنسان في أعراف هذه الأيام يزيد النفس حرقة ويكون ألمها كبيرا وعلى الرغم من حرارة الذنب والخطأ-لأصحاب القلوب الحية- ومحاولته النفس التنفيس عن الخطأ عبر الاعتراف يشعل نارا أخرى لهبها القهر وحطبها الحسرة والخوف . لماذا لا يكون للاعتراف دور ايجابي عند بعض البشر هل نسيان الماضي هو ما يمنع تقبل مثل هذا الأمر أم أن ألم الخطأ وفداحة الذنب هي التي لا تزال تؤثر في قرارات الطرف الآخر وهل لتغير ثقافة الاعتذار من جيل لآخر دور في عدم الاهتمام بالاعتذار أو ربما كان لتكرار الاعتراف بالخطأ دور في اختفاء بريقه وذهابه وهل الاعتذار ثقافة يغفل عنها الكثيرون؟ هذه التساؤلات دارت ولا زالت تدور في ذهني منذ فترة طويلة لا أجد لها جوابا سوى أن النفوس والأنماط البشرية أنواع عديدة تؤثر فيها الخلفيات الثقافية التي جاءت منها وعاشت فيها طفولتها كما أن للرصيد العاطفي وطريقة التنشئة دور كذلك ، هل تصدقون أن هناك من يعبّر عن الاعتذار بمهاجمة الطرف الآخر وضبط مجهر كبير فوق أفعال من يقابله حتى يتصيّد أخطائه وبذلك يشعر بتعادل الكفة فذنوبه وأخطائه أمام أخطاء خصمه متساوية وبذلك تتحقق العدالة ولا يكون في المعركة خاسر. هل صادفتم في حياتكم من تسحب منه الاعتذار سحبا حتى أنك تشعر بالتعب بعد أن تخرج الاعتذار من قيّده! ، وبعد أن تيأس من المحاولات الخفية غير المباشرة لإجباره على الاعتذار تلجأ إلى تعرية موقفه بالحقائق والبراهين فإذا صار في زاوية الحرج التي لا يستطيع أن يهرب منها قال لك بكل برودة قاتلة أنا آسف!! ، وربما يكابر بعضهم وهم في هذه الزاوية فيقول لك قد حباك الله بملكة الإقناع والتحليل ووهبك فصاحة اللسان فقلبت الخطأ إلى صواب والصواب إلى خطأ ولا أستطيع أن أجاريك فيما تقول. بالله عليكم هل هناك عاقل يصدق بأن الأسد يخرج من البيضة أو أن السماء أمطرت عصيرا بدل الماء هل الحقائق تبدل سميت حقيقة لأنها أحقت أمرا أي أثبتته فالحقائق لا يمكن أن تتغير وإلا فهي ليست حقيقة وهل يعرّف المعرّف؟ بالطبع لا يعرف ولكن من يقول هذا القول يتمسك بكل وسيلة تبعده عن الاعتذار حتى ولو تمسك بقشة خيالية لا تقصم ظهر بعوضة. طبيعة العلاقة بين الطرفين هي من تحدد نوع المشكلة وطريقة الاعتذار فالزوجين اللذان يعيش كل طرف منهما في وادي يرى أن الخطأ خطأ صاحبه لأنه هو من يسكن الوادي المثالي وعلى الطرف الآخر أن يأتي ليعيش معه ولا يترك لنفسه المجال ليفكر هل من الممكن أن يكون الطرف الآخر محقا ! وماذا أخسر إن جربت فإن أعجبني الأمر اعتذرت ومضيت في حياتي وإن كان في الأمر ما كنت أخشاه عدت إلى حيث كنت وكان لي شرف التجربة. وكذلك الصاحبان اللذان يختصمان لأن طريقة تفكيرهما اختلفت فأصبح لزاما على أحدهما التنازل عن ما يعتقد من أجل الحفاظ على الصداقة ، وقد يتساءل قارئ وما دخل الاعتذار بخصومة الأصدقاء وتغّير أفكارهم ! أم أنك تسطر هذه الكلمات لتملأ بياض الأوراق دون فائدة!. وأقول إن من أسباب ثقل الاعتذار على النفس هو اختلاف المفاهيم فما أراه أنا خطأ تراه زوجتي صوابا وما يعتقد صديقي بأنه عيب أنظر إليه أنا بأنه حرية شخصية ، وما أطمح إليه أنا يراه غيري غباءً وتهور ولذلك لا تطالب أحدا بأن يعتذر من شيء لا يؤمن به بل الأجدر أن تتركه في حاله خير لك من مطالبته باعتذار غير مدرج في جدول اهتماماته. ولولا أن تقولوا بأنني أبالغ لقلت لكم يجب علينا أن نعتذر ممن نتدخل فيما يظنون –أي بأفكارهم- حتى وإن كانت أفكارهم خطأ لأن تعرية الآخر وتقبيح فعله دون رغبه منه في قبول ما نقول خطأ لا يقبله أحد تقولون فأين قول المصطفى الدين النصيحة وأين أنت من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟. لنتأمل لو أننا نصحنا أحدهم ولم نهيأ له الجو المناسب للنصيحة ولم نقتنص الفرصة الملائمة أتراه يقبل منّا؟ بمعنى لو أن هناك رجل لا يصلي وأنا على يقين بأنه لا يصلي وأخذت أنصحه لماذا لا تصلي فلم يقبل مني وعدت فعاد لعناده وإذا تتبعنا ماضية لوجدنا أنه كان مصليا وبسبب فتور أصابه تمكن الشيطان منه فجعل من حرص والده الشديد عليه تدخلا في الشخصية ونصح زوجته له تعاليا على رجولته فبالله عليكم كيف يقبل شخص كهذا منا النصيحة أو لسنا مدينون له باعتذار لأننا لم نعرف كيف ندخل إليه وربما جعلناه أكثر عنادا من ذي قبل.
الاعتذار ثقافة وعلينا أن نعتذر من أنفسنا أولا لأننا لم نفهمها ونحاول فهم من حولنا وإن اختلفت أفكارنا معهم فلو كان كل واحد يعتقد أنه على صواب لصرنا الذين اجتمعوا في غرفة مغلقة ثم تحدثوا مع بعضهم وعلت أصواتهم وخرجوا يقولون هل سمعت ما قاله لقد كان على خطأ! كيف سمع ما قاله غيره في وسط الضجيج لست أدري؟
وما احلى ان نستلهم تلك الثقافة بطريقة جميلة كالتي قراتها هنا
ردحذف:)
جميل ورائع ما قرات
احسنت
:)
أهلا وسهلا بالكريمة منال
ردحذفيسعدني دائما تواجدك وتعليقك الحمدلله أن ما كتبت راق لك ورأيك له أهمية عندي :)
مرحبا بك دوما هنا
وياليت العقول تُصحح ...
ردحذف.
.
ابدعت اخي بما كتبت ..
.
.
احساس رسامة ..
.
.
سلمت يداك,,
ردحذفبوست رائع..
مممم,,
الحمد لله عمري ما حسيت أن عندي مشكلة مع الاعتذار من شخص,,
مرات ما أكون غلطانة بس اعتذاري يكون مثل صدمة للشخص الآخر بس آنا اعتبره قوة تعينني على كسب قلوب الآخرين بشيء ياخذ مني القليل من الوقت مع الكثير من السعادة والشعور بالرضا تجاه نفسي..
(آسفة) ع الاطالة..
أهلا بك اختي الكريمة
ردحذفوفعلا ما نحتاجه هو تصحيح التفكير وطريقة التفكير :)
سعيد بتواجد واتمنى أن يستمر التواصل.:)
أهلا بك اختي هاموره
ردحذفلم تكن هناك أي اطاله ابدا :) بل كانت هناك اضافه قيمة .
من يعتاد على جبر نفسه على الإعتذار يكسب الكثير وليتنا نحاول أن نعلم أبنائنا هذه الثقافة من خلال اعتذارنا منهم إن أخطئنا أو قصرنا في حقوقهم.
سعيد بعودتك للتعليق أختي فأهلا وسهلا بك
سـلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفيــآه .. أحب ][ مثل ][ هذه الطبقات العالية من التفكير ..
كـأن الاولى ان ][ تدرس ][ مثل هذه التعاملات في مناهجنا بدل الدروس المتكررة ..!
لا لشي سوى لأن ][ ديننا][ هو دين التعامل ..!
بوست ][ راق ][ لي كثيرا .!.
بورك بقلمك ..
أختك ..
صدى ~ ..
بالحديث عن هذا الموضوع
ردحذفهنالك ظاهرة انتشرت لفترة واستمرت حتى الآن حول الإعتذار
فكثيراً من الناس عندما يصطدمون بأحد أو يغلطون على أحد
يقولوا له : سوري
فوجدتها تزيد شيئاً فشيئاً
إلا أن قالتها لي صديقتي ذات يوم حينما نسيت أن تحضر لي كتاباً طلبته منها
فسألتها لما نستبدل كلمة آسفة بسوري
قالت لي لأن سوري خفيفة على النفس لا تجرح الكرامة مثل كلمة أسفة ^^
شكراً لك أخي على موضوعك الراقي وطرحك المميز
وإن شاء الله نكون مِن مَن يحسنون الإعتذار
الاخ رجل يحمل مشاعر
ردحذفاسلوب راقي وموضوع هادف كتبت مايشبهه وسميته لعة الاعتذار لاني اعتبرها لغه يجب تعلمها وهناك من يستصعب فهمها او اجادتها وهناك من لا يبالى بتعلمها من الاساس .. ولكن ما كتبت لا يعتبر الا هامش فيما كتبت انت .. رساله هادفه فارجو ان تكون قد وصلت
دمت بخير
والله الاعتذار عز ورفعة
ردحذفتصميم على السريع
ردحذفإلى أن تأتي أختنا الوجد وتنقدنا
ببراعتها في التصميم ^^
http://www2.0zz0.com/2009/05/08/14/588698050.jpg
أهلا بالكريمة صدى
ردحذففعلا نحتاج إلى غربلة مناهجنا وادخال بعض الأمور التي تحتاجها مجتمعاتنا فعلا فنبني جيل قادر على النهوض بنفسه وأمته.
سعيد بتواجدك أختي وسرني أن المقال قد راق لكِ
زميلة التخصص أنفاس الرحيل
ردحذفتوارد الأفكار جميل وسوف أطلع على موضوعك وليس عندي أدنى شك بأنه رائع راقي بل هو مكمل لهذا الموضوع والعكس صحيح.
أهلا وسهلا بك أختي :)
لأنك شاعر ماهر تعرف معنى الإعتذار ومتى يكون لأن للشاعر احساس يختلف عن الآخرين :)
ردحذففعلا هو عز ورفعه
أهلا بك يا هُمام
فنانتنا الواني
ردحذفتصميم جميل وألوان متناسقة وهديتك مقبولة :)
وهكذا هو الأخوه إن غاب أحدهم سدوا مكانه والوجد لا تزال بيننا ما دام مثلك يحمل هذه الروح :)
مساعدة الآخرين أمر جميل ربما أكتب مقال آخر يحمل عنوان ثقافة الشكر :)
عذرا من فرحتي بالهدية نسيت أن أرد على ردك الأول يا ألواني :)
ردحذفالكلمات التي دخلت على لغتنا العربية الجميلة كثيرة وأنا ممن لا يحبذ استخدامها في غير الضروروة لكن للمجتمع أحكام فاللغة الإنجليزية اليوم صارت تدرس في مراحل الابتدائية وحتى في الروضة والحضانه ولذلك الثقافة بالنسبة للجيل الصاعد أصبحت نوعا ما مختلف .
عندي أن يقول سوري خيرا ممن لا يستخدم الصمت :)
أخي :: رجل يحمل مشاعر ::
ردحذفتحية طيبة مباركة
موضوع من رحم الواقع
ومن منا لا يخطئ ؟؟
ومن منا لا يحتاج إلى الاعتذار ؟؟
الكثير من النفوس تستصعب الاعتذار وبعضهم كما ذكرت يراوغ ويبرر لنفسه حتى لا يكون ضحية للاعتذار ..
وأعرف بعض الأشخاص من الذين يقولون أن الأسد يخرج من البيضة ، عندما تقنعهم وتحاصرهم في زاوية فإنهم يقولون : ( ولو ) وهذا قمة الإصرار على الخطأ ..
تحياتي
وأعتذر عن تأخري ، ويعلم الله أنني من يوم الأربعاء كنت أحاول التعليق لكن لا أدري ما المشكلة في جهازي مع مدونتك أيقونة إرسال التعليق - تهنق معي
تدوينة ممتازة :)
ردحذفوأعتقد أن عدم الإعتذار يدخل فيه في غالب الأحيان جانب من الكبر، فيترفع عن الإعتذار لغيره بحكم من أنه أعللى منصبا أو شرفا ممن أخطأ عليه..
ولا أجد مفتاحا للقلوب مثل فعالية الإعتذار مع من أخطأنا معهم، فبه تزيد المحبة والمودة بين القلوب المتخاصمة أكثر مما كانت عليه..
جزاك الله خير..
مستعدة..
أخي الحبيب بو سعد
ردحذفعذرك معك وإن لم ترد فمثلك نعرف مقدارنا عنده وها أنت تطبق ثقافة الإعتذار بأسمى صورها :)
وأنا اعيد قراءه المقال وجدت أن هناك فجوة وهي ثقافة الرأي الآخر فهل يجب على من يعارضنا في الرأي أن يعتذر منا أو نحن من يعتذر منه :)
فلسفة جميلة تدعوا المتأمل للدخول في أعماقها.
صاحب القلم الساخر محمد القويري سعيد بتواجدك وحرصك على التعليق :)
لك ودي أخي
المتخفية مستعده :)
ردحذفالإعتذار لا يعرف صغيرا ولا كبير بل هو ردة فعل لكل ذنب أو خطأ وحتى حماقة يرتكبها الإنسان ولذلك كلما أعتذر صاحب الجاه والمنصب والسلطان كلما صار للاعتذار قيمة أكبر لأن اعتذاره قدوة لمن هم دونه.
أهلا وسهلا بك أختي وسرني ان التدوينة راقت لك :)
شكرايابو محمد على المقال
ردحذفحقيقة ثقافة الأعتذار في حيتنا الى حد ما معدومه
فمثلا البعض اذا اخطأ وطلب منه ان يعتذر,يعتقد هذا الأعتذار مساساً بالمبادئ فيرفض رفضا تاما.
ولكن هناك اعتذار من نوع اخر وهو في حالة اذا طلب منك امر لا تستطيع تنفيذه او فعله فمن خلال تربيتنا لا نستطيع ان نعتذر فنتحامل على انفسنا في هذه الحاله قد نخسر صداقتنا وروابطنا .
اخوك ابو راكان
الحبيب زميل الغربة بو راكان
ردحذففعلا الاعتذار عما لا نريده ايضا من ثقافة الإعتذار فعدم المجاملة يعتبر من الأمور التي يجب ان نعتذر عنها خصوصا اذا كانت تعطلنا عن حياتنا أو تجبرنا على فعل مالا نريد.
سعيد بعودتك للتعليق يا صاحبي :)
جميل ما كتبته اخي الكريم ..
ردحذفالله يعطيك العافيه صراحه ..
صج في ناس ما يعتذرون لو شنو ..
سبحان الله .. يعني معقوله الانسان دايما" صح و ما يغلط؟؟
فليش دايما" يحسسونك انهم ما يغلطون و اهما الصح و الناس كلهم غلط ؟؟
الله اعلم صراحه ..
بارك الله فيك على الطرح..
أهلا نور
ردحذفالإشكال ليس في أنهم يعتقدون أنهم على صواب بل الإشكال الكبير هو أنهم إذا بينت لهم خطئهم بالدليل والبرهان القاطع يصر على أنه ليس مخطأ أبدا وفي داخلة صوت يقول له إلى متى هذا التكبر على الحق.
أسأل الله أن لا نكون منهم