السبت، 14 مايو 2016

ترانيم أعرابي : المجد للأبرياء

مع الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل حلب خصوصا المدنيين، ارتفعت الأصوات يوم الجمعة الماضي بالدعاء لحلب وأهلها وسورية، فتابعت وتفاعلت مع الحديث من خلال "تويتر" و"هاشتاق #حلب_تحترق". هذا التفاعل ليس فضلا مني لكنه أقل الإيمان والدعم لأهلنا في سورية الذين تكالبت عليهم الأمم كلها وصاروا ضعفاء في وطنهم ينتظرون رحمة الله تعالى وتصفية حسابات الشرق الأوسط الجديد. لن أخوض في السياسة فصفحات الصحف والإنترنت مليئة بالتحليلات المبنية في غالبها على مصالح فريق المحلل والنادر القليل الذي يكترث لحل الأزمة دون تفضيل من يميل له على خصمه.
من غريب ما رأيت وأنا أتجول في "هاشتاق #حلب_تحترق" هو صراع "تويتري" من المغردين حول قضية حلب! فمن يجد الحق مع إيران وروسيا والنظام يبرر فعلهم من خلال مقارنتهم مع أهل اليمن أو إلصاق التهمة بالسعودية وربما دول الخليج، ولبشاعة الصور التي وصلت لا يمكن "لإنسان" أن يبرر قتل المدنيين، وعلى النقيض تجد المتحمسين في الدفاع عن حلب وأهلها يبررون قتل المدنيين في اليمن بحجج سياسية صرفة، وهذا والله أعجب العجب، وزاد الطين بلة وأصابني في مقتل عندما شاهدت صورة مذيعة لقناة سورية مؤيدة للنظام تلتقط "سلفي" مع جثث القتلى!
هل صار قتل الإنسان الذي لا يوافقنا سياسيا أمرا عاديا وفعلا مبررا؟! وهل التوجه السياسي اليوم صار ذريعة للقتل؟ أين حرمة دم المسلم؟ لن أتحدث عن موت مقاتلين في ساحات المعارك فهؤلاء يفتي بهم أهل الدين ويحاسبهم الله عز وجل، أنا أتكلم عن الإنسانية! أين ذهبت من قلوب الناس عندما يشاهدون المدنيين والأطفال والنساء يقتلون تحت أنقاض البيوت والعمارات التي تقصفها الطائرات. هل لون دم أهل حلب لمن يؤيد بشار مختلف عن لون دماء المدنيين في اليمن لمن يؤيد عاصفة الحزم؟ ما بالها المبادئ والقيم في نفوسنا بانحدار؟ هل فقدنا أهم شيء عندنا وهو العقل؟ هل صار الانتقام والغريزة الحيوانية يقودان عقولنا؟ من يرضَ بالقتل دون سبب اليوم فسيقتل هو دون سبب غداً ولكم في قصة الثور الأبيض عبرة وعظة.
المبادئ لا تتجزأ ومن يدافع عن مظلوم هنا ويسكت عن آخر لأنه ليس من طائفته أو لأنه لا يعنيه أمره فهذا من أصحاب الهوى والتبريرات التافهة، الإنسانية هي الأخرى لا يمكن تقسيمها فهي ثابتة المعالم واضحة، فكونك إنساناً يجب أن تؤلمك المشاهد المقززة وإن كانت لعدوك، لا يهم من المقتول، المهم أنه إنسان مدني قتل دون وجه حق بسبب صراعات سياسية لا دخل له هو فيها.
نداء أخير لمن يتفاعل مع الغرب وينسى أهله، ونداء أخص لمن تباكى على ضحايا باريس وبروكسل وذرف الدموع وهاجم الإرهاب ويغض الطرف عن الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين في غزة وفلسطين المحتلة وسورية والعراق واليمن وبورما لأن الإعلام لا يسلط الضوء عليهم، فالمدني في سويسرا هو ذاته المدني في بورما فكلاهما يحملان لقب إنسان!
المجد للحق والمطالبين به، والمجد للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لرفع راية الحق، والمجد للأبرياء الذين سحنتهم صواريخ السياسيين الذين لا يؤمنون إلا بمصالحهم، والمجد للرجال المخلصين، ارفعوا أكفكم للسماء فجبّارها لن يخذلكم.

شوارد:
"وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...