الخميس، 1 نوفمبر 2012

العقل أو الطوفان


الأحداث السياسية اليوم في الكويت باتت حديث العالم ودخلت في مفردات الناس كلها فالأطفال يتحدثون عنها والشباب يتناقشون فيها وكبار السن يحذرون منها ولا تكاد تمر ساعة على الانسان حتى يُفتح هذا الموضوع أمامه لدرجة أنني في الكثير من الأحيان اتحاشى الجلوس في الدواوين والمنتديات لكثرة ما يعاد الحديث ويعلو صوت الجدال البيزنطي في المواضيع ذاتها!

ما يحصل اليوم في الكويت ليس وليد اللحظه أو أنها ردة فعل على مرسوم الضرورة كما يحاول الكثيرون من المقربين من الحكومه تصوير الأمر بل ترجع جذور هذا الموضوع لبداية استقلال الكويت ووجود فئة لا تؤمن بأن للشعب حقاً في ادارة الدولة معهم وهذه الفئة لا تقتصر على بعض أفراد الأسرة الحاكمة بل هناك تجار ورجال دين وحاشية سلطة كلهم يشتركون في هذا الهم فمصالحهم تتضرر من القانون والدولة المؤسساتيه.

في عام 1967 تم تزوير الانتخابات وفي عام 1976 حل المجلس حلا غير دستوري وفي 1981 تم تعديل الدوائر الانتخابيه لتوافق هوى بعض ارباب السلطة وفي 1989 دواوين الاثنين الشهيره وفي 1990 الغزو العراقي الغاشم وقبل ذلك كله 1939 اعدام المنيس وسجن نواب المجلس التشريعي وتهجير آخرين ، هذه بعض الأسباب التاريخية يجب الوقوف عندها وتحليلها اذ ان اختصار المشكلة في اصدارمرسوم ضرورة هو سذاجة فكريه يراد منها اشغال الناس عن أساس المشكلة.


أما الأسباب الحالية الواقعيه فبدأت منذ أن أُعطي الجاهل أبواقاً يبث من خلالها نفساً طبقياً كريهاً ليُقسم المجتمع إلى طرفين أحدهما له الفضل والآخر دخيل! وتم ذلك كله بسكوت حكومي غير مستغرب ولكن وعي الناس وصياحات العقلاء جعلت منه قزماً أمام وحدتنا الوطنية وكم تعجبت من أكاديميين ومثقفين ينجرفون وراء مثل هذه الأمور لدرجة أن احدهم البارحه يقول لي اتركهم ولا تدافع عنهم في تويتر فهم بدو! فقلت له هم ليسوا بدوا ولا شيعة ولا سنة ولا حضرا هم شركائي في بناء الوطن.


وما ان انتهى مشهد السفيه حتى ظهرت بوادر الاحتقان الطائفي التي رعاها بكل أسف بعض نواب المعارضة الحاليين حتى انقسمنا إلى معسكرين من جديد ولا زال هذا الانقسام كبيراً والأمل كبير في عودة الوطنيين من المعسكرين الى عقولهم والوقوف جنبا الى جنبلحماية الدستور وحقوق المواطنين ونشر ثقافة ومفهوم المواطنه البعيده كل البعد عن الانتماءات والتوجهات الطائفيه والطبقية.


الناس تحررت من عقلية الأمارة تريد اليوم بناء بلد مؤسسات تكون فيه السيادة للقانون ، فرغم المسيرات التي خرجت والتي ستخرج لم نجد أحدا يطالب بإسقاط النظام بل الكل يهتف بالنشيد الوطني وأكثر من ذلك نشاهد مرارا وتكرارا من القائمين على حساب كرامة وطن وهو الحساب الرسمي لتنظيم المسيرة التأكيد على أن خروج المسيرات للاعتراض على المرسوم فقط ، لكن أبواق السلطة لا تريد لهذا الأمر أن يكون جميلاً فراحت تندد بالمسيرات بإسم الدين تاره وبالقانون تارةً أخرى وبالتخوين تارات عديده! متناسية أن المزاجية في تطبيق القانون هي الحاضرة حتى الآن.


شاركت في مسيرة كرامة وطن ولم أجد شباب خرج ليخرب أو ليقلب النظام ولم أشاهد الكثير من الإخوان المسلمين بعبع المرحلة الحاليه! بل شاهدت كوادر التحالف الوطني والمنبر الديمقراطي وتبادلت التحايا مع بعض شباب التيار السلفي ، ورأيت كوادر حزب الأمة وكذلك مر بقربي بعض المنتمين للإخوان المسلمين وشاهدت كذلكرجالا ونساءا لا ينتمون لأي تيار سوى تيار الانتصار لكرامة الوطن!


وهنا علي أن اتوقف لأقول أن كلمة النائب مسلم البراك أخرجه الله من المعتقل عاجلا غير آجل لا يمكن أن يعاقب شعب بأكمله لأنه قالها نحن في دولة مؤسسات أنا لا أوافق على ما ردده أبوحمود في ذلك اليوم لكن كان بالإمكان تطبيق القانون عليه منذ تلك اللحظه إن كان متجاوزا فعلاً! لكن أن يترك الأمر أسابيع عديده ثم نجد التعسف حاضراً في تطبيق القانون والإهانة متعمده ويطلب من محبي مسلم البراك التعقل فهذا لن يكون لأن الطرف الأقوى غاب عنه العقل.


الحل من وجهه نظري يمكن في جلوس الطرفين على مائدة حوار جادة يتم من خلالها طرح وجهات النظر والوصول إلى حل يرضي الكويت وشعبها فكلا الطرفين أظهر قوته وواضح أن الكثير من الشعب بدأ ينقسم فعلى العقلاء تدارك الموقف ووضع السدود قبل ان نغرق كلنا في طوفان من الصعب نسيان آثاره ، وهذه الأزمة ليست الأولى في الكويت فالشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله غير قانون الانتخابات نزولا عند رغبه الشعب بعد أن صدر مرسوما بأن تكون الإنتخابات بعشرين دائرة ثم وجد أن الكثير من ابناء الشعب يرفضه فنزل عند رغبتهم وأصدر مرسوما آخر ولازل التاريخ يحفظ له هذه المواقف وأهل الكويت يمطرونه بالدعوات كلما مر ذكره.


النظر لأي قضية من زاوية واحده يؤدي إلى الخطأ في التحليل كلنا أبناء الكويت فلا تتهموا بعضكم بالخيانه نتمنى أن يرتفع صوت الحكمه حاليا الخلل التشريعي واضح والدستور يجب أن يُعدل نحو مزيد من الحريات والسلطة التنفيذيه عليها أن تبدأ في اعادة الثقة للناس بأنها ليست طرفا في النزاع بل صمام أمان للجميع.

مسيرة كرامة وطن الثانية ستكون سلمية كما أعلن منظموها وكم أتمنى أن يقدم القائمون عليها طلباً لترخصيها حتى إذا تم رفضه لن يكون للحكومة حجة فحكومتنا تجيد التنظير والسكوت عند وقوع الملمات.

اللهم أحفظ الكويت من كل مكروه وأكتب الخير لها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...