من منا لا يعرف تويتر هذا العصفور الأزرق
الصغير الذي كان يراه البعض قبل الثورات العربية نكرة لا حول له ولا قوه،عصفور
مشوهه أزرق لا يجد قفصاً يضمه. فما كان من هذا العصفور إلا أن أقام دولته على
أنقاض دول الإستبداد وقرى الكِبر ومنازل بعض الكُتاب الورقية.
تويتر قبيلة من لا قبيلة له فكل مغردٍ يجد له
مناصرين ومؤيدين لقضيته وآرائه فكم من مظلوم ساهم أهل التغريد في رفع الظلم عنه من
خلال هشتقة قضيته أو إعادة ارسال تغريداته،وكم من رمز أدبي أسقط أهل تويتر عنه قِناعه
فتعرى أمام الملأ وانقلب حاله من رمزٍ إلى قزم لا يكاد يُرى.
التحقت بتويتر في سبتمبر من عام 2010 وكان
ذلك بعد إلحاح من أحد أقربائي ووجدت نفسي أندمج فيه وأكتب أفكاري حتى غمرني أكثر
من انسان بمتابعة ما أكتب وصرت أتفاعل كثيرا بل صار الطائر الأزرق يحلق بقربي كل
ساعة ويجبرني على سماع تغريده.
ولما انقضى عام على وجودي في شجرة التغريد
وزاد على العام نيفٌ من العام الجديد بدأت أراجع وضعي هل الشجرة باتت مكاناً
ملائماً للتغريد؟ هل أهل الشجرة يسمعون بعضهم أم أن كل عصفور يغرد منفرداً فلا
يكاد المار بقرب شجرة التغريد يسمع سوى الضجيج!
وماذا عن الطيور الجارحة التي لا مكان لها
بقرب العصافير الزرقاء لأن مخالبها تنهش أفكارهم فتدميها وتزيد من آلامهم فينقلب
التغريد لعويل وصراخ ونواح!
وجدت أن الوقت حان لأقول وداعاً تويتر...
وداعا تويتر لأنك أصبحت من أكبر سراق الأوقات
صرت تسرق اللحظات الجميلة من الأحباب هدمت علاقات اجتماعية كانت مميزة في يوم مضى
، صار الجلوس مع الآخرين ثقيلاً لدى بعض العصافير ولا قيمة له عند بعضهم الآخر
فالكل منشغل بالاتصال بكل والانتقال إلى عالم الخيالي وسهل ذلك عليهم هواتفهم
الذكية!
وداعاً تويتر فقد أفقدتنا التلذذ في عقول
الآخرين ، ما إن نفتح كتاباً حتى ترسل علينا جيشاً من أصوات التنبيه بأن على الشجرة
عصافير تريد التواصل والتغريد ، سرقت لحظات الجميلة مع الكتاب سرقت مناجاتنا مع
المؤلفين وضربت بعرض الحائط أواصر المحبة التي كانت بيننا قبل لقائك.
وداعا تويتر فسرقة الأفكار باتت وسماً يميز
بعض المغردين في عالمنا العربي ، فلم يعد للحقوق الفكرية حرمه ولا قدسية عندهم ،
بل بلغت الوقاحة أوجها لدى بعضهم أن يعيد نشر اطراء اتاه عندما سرق فكرة مبدع!
وداعا تويتر فلم أعد أحتمل مشاهدة الفضائح
والإشاعات ، وقلبي لا يتسع لتغريداتٍ تدمر الأنسجة الإجتماعية ، وعقلي لا يحتمل
المرائيين والمجادلين بحق أو بدونه ، فصفحاتك باتت مسرحاً لتصفية الحسابات بعد أن
كانت ساحات كرامة تُنال فيها الحقوق.
ولن أنسى فضلك فلست جاحداً ، شكراً لك فمن
خلال تعرفتُ على عقول راجحة وقراء كُثُر غمروني بفضلهم ومدحهم ونقدهم البناء لما
أكتب من تغريد أو مقالات وحتى استقطاعهم جزءاً من أوقاتهم لقراءة ترانيم قلب
واعرابي في بلاد الإنجليز.
لن أُجافيك ولن أنسى الود الذي بيننا وسأحرص
على زيارتك والسلام عليك كلما وجدت فرغاً يتسع لك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق