السبت، 21 مارس 2015

هل تموت المشاعر!



في أيامي الأخيرة هذا السؤال أصبح يشغل تفكيري ، حال الإنسان يتقلب بين حين وحين فتارةً يكون ذلك الاجتماعي الذي يعرف غالب أهل بلده ولا يترك فرحا أو ترحا إلا وكان موجودا يخفف عن هذا ويبارك لذاك.

وما إن تمر السنوات حتى ينقلب حاله فيصبح منعزلاً منطويا على نفسه يكاد يومه يخلوا من اتصال أو تواصل ، فنفسه ما عادت تتقبل مصائب الناس وأفراحهم رغم أنه هو هو لم يتغير فكره أو حاله ولا حتى نمط حياته!

هل تموت المشاعر أم أنها تتجمد ثم يذوب الجليد عنها فتعود لما كانت عليه، لست عالم نفسٍ ولا متخصص في علم الاجتماع إنما أن بشرٌ مثلكم جرب هذه المشاعر فيتقلب حاله بين الحب والعشق والتقدير والكرهِ والغضب والحقد ومن هذا الباب أكتب.

التاريخ حفظ لنا قصص المشاعر كلها فمن عشق قيس لليلى وكثر لعزه وعنترة لعبلة إلى مشاعر النشوة بالنصر في معاركنا الخالدة كبدر والقادسية واليرموك وعين جالوت وفتح القسطنطينية وحرب سيناء 1973 وثورات الربيع العربي، ولم يترك التاريخ مجالا لنسيان مشاعر الحزن فوفاته صلى الله عليه وسلم أعظم حزنٍ مر علينا ثم سقوط الأندلس فسقوط خلافة بني عثمان.

هذه المشاعر تتكرر في كل حادثٍ فهي لا تموت وهنا أريد ضرب مثال ليتضح المقال من خلاله ولا أجد أجمل من الحب والعشق مثالاً لأعبر من خلاله ، هب أن قاسماً عشق خديجة ثم اقترنا مطبقان قول سيد العشاق قيس بن الملوح :

وقالوا لو تشاء سولت عنها / فقلت لهم فانًّي لا أشاءُ

وبعد أن خبت الفورة ومرت السنوات ولم يحافظا على رصيد المشاعر حصل الشقاق وتفرق العشاق وصارت هي في منزل وهو في مكان فهل تنتهي العواطف هنا أم أنها تزداد؟

الواقع أننا نحن من يقتل الإحساس ويقبرهُ فأول ما يكون منا أن هو أن رسم دائرة ضيقةٍ بالكاد تتسع لنا ونعيش فيها ثم نطلق العنان لخيالنا ونسمح له أن يأخذنا إلى حيث نكره فيصير ما كان يضايقنا جزءاً من حياتنا ونتطبع به حتى لا نستطيع الفرار منه ، عندها نبني بأيدينا جداراً من فولاذ حول عقولنا وقلوبنا ولا نسمح إلا لمن يُسمعُنا ما نريد بالدخول !

هذا الفعل هو نهاية العالم للكثير من العشاق لا لأنهم يريدون موت مشاعرهم بل لأنهم يخنقونها بأيديهم فبعضهم يقول أن هذه الدائرة الضيقة هي بطن الحوت وخارجها أمواج بحر الظلمات المتلاطمة ، وآخر متفائلٌ يرى أن الدائرة هي حفرةٌ ضيقة وخارجها جنةٌ وارفة الظلال جميلة المنظر.

لا تلبس السواد أبد الدهر إذا مات لك حبيب أو فارقت عشيق ، لا تجعل لخسارة تجارية أن تكسرك ولا لسقوطٍ أن يُقعِدك ، لا تكشف صدرك لكلمات الناس التي تخرج بلا وعي بل البس درعا من الثقة واترك سهامهم تنكسر عليه وتذكر قول غاندي

" أولا يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يقاتلونك ثم تنتصر!"



ابتسم وكن متفائلا وتأكد أن المشاعر تعود في الوقت المناسب مع الشخص المناسب في المكان المناسب إذا بذلنا الجهد المناسب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى لقاءٍ يا فهد

    الموت هو ذلك الزائر الذي لا يقوى عليه أحد من البشر! ، يأتي للمستبد المتجبر فيسلب منه روحه دون مقاومة أو حرب! وهو ذاته الذي يز...