انتشرت من بعد حرب تحرير الكويت حركات سياسية كثيرة في الكويت من حركة حدس مروراً بالمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني والحركات الشيعية السياسية وأحداث انشاء حزب الأمة كأول حزب سياسي في الكويت وانتهاء اليوم بالحركات الشبابية حدم ونهج والسور الخامس وكافي.
هذه الحركات والتيارات السياسية تجيد رفع الشعارات والخطابات الجماهيرية بل ولديها خطط واستراتيجيات عندما يطلع عليها المتابع يشعر أننا مقبلون إما على تنمية حقيقية في البلد أو ثورة كالثورة الفرنسية وبطولات ميدان التحرير وأحداث الربيع العربي الجميل.
كنت ممن شارك في جميع المظاهرات التي تمت في الكويت من بعد حداثة ضرب النواب في ديوان الحربش مروراً بساحات الارادة والبلدية والصفاة ، واذكر أنني في كل تجمع من التجمعات كنت أخوض حديثاً جانبياً مع فئات مختلفة من الناشطين السياسيين حول الحلول التي يرونها في المستقبل وكانت الحلول دائماً ترتبط بالواقع السياسي وفي ردة فعل النواب تحديداً.
حزب الأمة كان يدعو على مدى السنوات الماضية إلى حكومة شعبية منتخبة ، فقد سبق الجميع في قراءة الساحة السياسية الكويتية وكانت ردة فعل القوى السياسية أن مثل هذا الفعل سابق لأوانه ، واليوم نجد نواب الأغلبية يدعون لحكومة شعبية وليست حكومة منتخبة بمعنى أن يكون أكثر الوزراء من تيار الأغلبية والحقيقة أنني اتعجب من هذا الطرح فكيف يريد منا نواب الأغلبية أن نصدق بأن القضاء على الفساد يكون بمشاركة نوابهم في الوزراه ويزيد الأمر غرابة أنك حينما تذهب للوزارات وتجد سكرتارية هؤلاء النواب تجوب الوزارة بحثا عن واسطة لشخص قد لا يكون مستحقاً.
هل هؤلاء النواب جزء من اللعبة السياسية في الكويت أم أنهم أصغر من المرحلة فصاروا جزءاً من اللعبة دون قصد؟ منذ سقوط الشيخ ناصر المحمد بعد تجمع ساحة الإرادة الشهير لم نجد تحركاً مرسوماً للأغلبية خصوصاً بعد أن أوصلهم الشعب للبرلمان، الأغلبية تفتقد المشروع الإصلاحي فعلى الرغم من هشاشة هذه المجموعة نجدهم يفتقرون للخطة والأهداف الواضحة فيوماً نجد رئيس الوزراء الشعبي على رأس الأولوية وتارةً اصلاح النظام القضائي وأخرى الاقتصاد والتنمية.
أعتقد أن عدم وجود خطة واضحة المعالم تحمل أولويات المرحلة دون شعارات فضفاضة واسعة كالقضاء على الفساد أو أقطاب السلطة أو من الرجل الذي يعرقل التنمية كلها جعجعة لن تؤتي طحيناً فإما تعرية الأمور أو الإنتقال لمرحلة أخرى وتنظيم الأوراق والعمل كقوى وطنية بعيداً عن المصالح الفردية للجماعات على الأقل خلال المرحلة الحالية.
منذ عقود لم تشهد الكويت تطوراً على جميع الأصعدة وعلى الرغم من ذلك شهد تجمعات سياسية كثيرة قادتها مجموعات وتيارات مختلفة ابتداءً من دواوين الأثنين مروراً بمجلس 1994 القوي وانتهاء باسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد ، كل هذه الأحداث على حدة الطرح فيها إلا أن الوضع يزداد سوءاً وينحدر أكثر والسؤال المهم هو : لماذا؟
نحتاج لحركة عمل أفرادها يؤمنون بالمباديء ولا يقدسون الرموز ، حركة أساسها التنظيمي هو الانتقال بالوطن لمرحلة تنموية جديدة فالتضحيات تصنع المعجزات ، والكويت تعج بالاقتصاديين الأفذاذ والسياسيين الأحرار والاجتماعيين المخلصين، كل هؤلاء لو طلب منهم المساهمة في وضع استيراتجية لخطة تنموية واضحة الأركان لفعلوا دون مقابل بدل صرف ملايين الدنانير على مستشارين يرسمون خطط المصالح الخاصة.
نحتاج لحركة عمل تحارب الاستبداد وتقول كلمة الحق تنظر للأمور من جميع الزوايا ثم تختار زاوية الصواب ، حركة تؤسس على أن التقديس للمبدأ وحرية التعبير والمساواة دون النظر لطائفة الكفاءة وسمعة عائلته وحتى مدى التزامه بدينه واخلاصه لجماعته!
حركة عمل لا ترضى بأن تكون حضارة البلد عبارة عن مباني خرسانية خاوية من الكفاءات والعقول ، حركةُ تبني وطناً وتخط طريقا ثم القمة كما فعل اليابانيون رسموا للأجيال خريطة الوصول إلى التميز.
حركة عمل ببساطة لا تفعل ما يفعله السياسيون في الكويت ودول الخليج اليوم الذين يشكرون الله على أوضاعهم يوماً ويلعنونها في اليوم الذي يليه ، حركة عمل قمعتها المعارضة الصوتية التي تحسن فن الصراخ والتباكي والتهديد ولا تجيد أبدا التضحيات في سبيل رفعة الوطن واستمراره لأن الوضع الحالي يؤكد على انحدار الكويت في جميع المستويات وللأسف.
حركة عمل هي الخلاص من مشاكلنا لأن تقديسها للحق فقط ولا تعترف بالخطوط الحمراء التي يضعها الفساد أمامه، حركة عمل تعري الفاسد والقطب والتيار بكل قوة اذا امتلكت الدليل وتيقنت من فساده أما تصريحات نوابنا الكرام عن أقطاب ورموز وحيتان وديدان فلا تسمن ولا تغني من جوع!
نسخة مع المحبة والتقدير لنواب الأغلبية وتيارات المعارضة في الكويت لعلهم يستفيقون من غفلتهم ويرسمون لنا ملامح المرحلة الجديدة بقيادة حركة عمل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق